strong>الصين تخشى على استثماراتها... وأوروبا تدعو إلى ضبط النفس تحدّى عشرة آلاف راهب بوذي على الأقل، بزيهم البرتقالي التقليدي، أمس الإنذار الذي أصدرته حكومة ميانمار بوقف احتجاجاتهم، وتهديدها باللجوء الى الجيش لمواجهتهم، وذلك عبر قيامهم بمسيرة في يانجون، وهم يردّدون شعار «الديموقراطية... الديموقراطية»، للمطالبة بأوضاع معيشية أفضل في بلادهم الفقيرة، والمصالحة الوطنية، إضافة إلى الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين.
وقال شاهد عيان إن ثماني شاحنات محمّلة بقوات شرطة مكافحة الشغب تحركت الى وسط يانجون قرب معبد شويداجون باجودا، وهو أقدس المعابد البوذية في ميانمار ومقصد المسيرات التي دخلت يومها السابع أمس.
وكان وزير الشؤون الدينية البريغادير جنرال تورا مينت ماونج قد أصدر أول من أمس تحذيراً متلفزاً لكل الرهبان بالالتزام بقواعد البوذية، التي تحرّم على رجال الدين التدخل في الشؤون السياسية، مهدّداً باتخاذ «إجراءات صارمة بحقهم كاللجوء إلى الجيش». إلا أنه رأى في الوقت نفسه أن أي «إجراء ضد الرهبان هو بمثابة مخاطرة كبيرة من جانب الحكومة» لناحية التقدير الكبير الذي يتمتعون به في ميانمار.
ويأتي هذا الإعلان في إطار محاولة ضبط ثورة الرهبان التي بلغت ذروتها أول من أمس حين تظاهر أكثر من 100 ألف شخص في العاصمة، إضافةً الى مدن أخرى. ولم تصدر الحكومة تحذيرها المتلفز إلّا بعدما ازدادت أعداد المشاركين في الاحتجاج الذي ضم أيضاً مواطنين عاديين وبعض المنشقين عن العمل السياسي، إضافة إلى شخصيات ثقافية معروفة.
وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس إلى أن الاحتمالات المتوافرة لإنهاء الأزمة ليست كثيرة. فمن جهة، تأمل الحكومة أن تخور قوى المتظاهرين، إلا أن أعدادهم الآخذة في الارتفاع تدحض هذا الأمل. أمّا الاحتمال الثاني، فيتمثل في الحوار أو المواجهة بين الحكومة والمعارضين، الأمر الذي لم تتبنّه له الحكومة حتى الآن، اذ عمدت في أوقات سابقة الى سجن المعارضين السياسيين ورفض مطالب الأقليات العرقية، إضافة إلى استخدامها العنف عامي 1988 و2003.
وتجدر الإشارة إلى أنه عام 1988، ضربت ميانمار تظاهرات في كل أنحاء البلاد ضد فشل النظام العسكري في إدارة البلاد، الذي حوّلها من أغنى دول آسيا قبل الحرب العالمية الثانية إلى أفقرها. وأدى قمع العسكر للتظاهرات إلى سقوط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل.
ويرى بعض المحللين أن العوامل التي كانت موجدودة عام 1988 اختلفت مقارنةً بالظروف الآنية لجهة تصرف الحكومة، وتتمثل في اهتمام العالم بأحداث ميانمار والإدانة الدولية لانتهاكها حقوق الإنسان فيها.
أمّا الصين، الجارة الكبرى لميانمار، فهي الأكثر اهتماماً بالوضع في يانجون، وكانت قد مدّتها بالمساعدات رغم العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من جانب الدول الغربية. ويقول دبلوماسي غربي في هذا الإطار إن الصين «تريد الاستقرار في ميانمار، لناحية كثرة استثماراتها في هذه البلاد، باعتبارها مصدراً أساسياً للمواد الأولية وتحديداً النفط والغاز».
وفي سياق ردود الأفعال على التظاهرات التي تجتاح تلك البلاد، حث الاتحاد الأوروبي حكومة ميانمار على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في تعاملها مع التظاهرات السلمية باعتبارها تعبيراً عن الرأي. كما أعرب وزير الخارجية الأوسترالي ألكسانر دونر عن قلقه إزاء خطوات المجلس العسكري الحاكم مستبعداً أن تؤدي هذه الحركة إلى تغيير في السلطة.
(الأخبار، أ ب، د ب أ، رويترز)