غزة ــ رائد لافي
بات قطاع غزة على موعد مع عدوان واسع، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إنه «قريب»، لكنه قد يكون قد بدأ بالفعل، مع سقوط 7 شهداء في توغلات وغارات


قال وزير الدفاع الإسرائيلي أمس، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، «نحن نقترب من شن عملية واسعة في غزة لم تحدث في الأسابيع الماضية لأسباب عديدة»، مضيفاً «إننا نعرف أن حياة المواطنين الإسرائيليين في سديروت مهددة من الصواريخ الفلسطينية».
وتابع باراك: «يجب أن يكون واضحاً أن عملية كهذه لن تكون بسيطة، لا في ما يتعلق بالقوات أو الوقت الذي سنمكثه هناك أو في ما يتعلق بالتحديات التي سيكون على الجنود مواجهتها أثناء العملية».
وتوعّد باراك حركة «حماس» «باستخدام كل الوسائل المتاحة من أجل الحد أو إضعاف سلطتها وفاعليتها في قطاع غزة»، غير أنه اعترف بفشل أجهزة الأمن في خفض كمية الصواريخ التي يطلقها المقاومون الفلسطينيون من القطاع. وقال إن «الشاباك وجنود الجيش ومعهما سلاح الجو، يحاولون خفض كمية إطلاق الصواريخ قدر الإمكان، إلا أنه للأسف لم ننجح بعد في تحقيق ذلك».
في المقابل، عبّر وزير البنى التحتية بنيامين بن أليعزر، لصحيفة «هآرتس»، عن معارضته تنفيذ عملية عسكرية برية في قطاع غزة، لأنه «عندما تدخل إلى قطاع غزة، أنت تعرف كيف تدخل، ولكنك لا تعرف كيف ستخرج». واقترح بديلاً عن ذلك «المس بالأمور التي تتعلق بالسكان المدنيين أنفسهم».
وفي ترجمة فورية لتهديدات باراك، اغتالت قوات الاحتلال 7 فلسطينيين وأصابت 25 آخرين بجروح، في غارة وقصف مدفعي على قطاع غزة.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن أربعة مقاومين فلسطينيين استشهدوا في غارة جوية إسرائيلية على سيارتهم في القطاع. وأضافت أن طائرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على الأقل باتجاه السيارة التي كان يستقلها المسلحون الأربعة، ما أدى إلى استشهادهم جميعاً، كما أصيب ثلاثة مواطنين آخرين بجروح، وجرى نقلهم إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة لتلقي العلاج.
واتضح لاحقاً أن الشهداء الأربعة من «جيش الإسلام»، الذي يتزعمه ممتاز دغمش، وأن بين الشهداء الناطق الإعلامي باسم هذا التنظيم»، خطاب مقدسي، وهو يمني الجنسية، تسلل إلى قطاع غزة للعمل مع المقاومة.
وفي عدوان آخر، قال مواطنون في بلدة بيت حانون إن ثلاثة فلسطينيين آخرين استشهدوا جرّاء سقوط قذيفة مدفعية على منزل يعود لعائلة أبو جراد في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة.
وكانت عشرات الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية قد نفذت عملية توغل في بلدة بيت حانون، حيث ذكر شهود عيان أن «قوات كبيرة من جنود الاحتلال تتوغل في هذه الأثناء على أربعة محاور، للسيطرة على البلدة بالكامل، واجتياح الشمال».
وكانت مجموعة من مقاومي «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، نجت من محاولة اغتيال، عندما أطلقت مروحية إسرائيلية صواريخ في اتجاهها، غير أن أحداً من أفراد المجموعة لم يصب بأذى، وأصيب الطفل خالد جويعد (10 أعوام) بشظايا في ساقه.
ويأتي التصعيد الإسرائيلي بعدما أعلنت «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، في بلاغات عسكرية منفصلة، مسؤوليتها عن قصف موقع «كيسوفيم» العسكري جنوب شرق القطاع، واستهداف قوات إسرائيلية راجلة في محيط الموقع، بنحو 54 قذيفة هاون. وهذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها «كتائب القسام» هذا العدد الكبير من قذائف الهاون خلال ساعات قليلة.
وفي الضفة الغربية، ذكرت مصادر أمنية فلسطينية أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية عثرت أمس على صاروخين من طراز «قسام» محلّيي الصنع في بلدة بيت جالا، القريبة من مدينة بيت لحم، مُعدَّين للإطلاق باتجاه إسرائيل.
كما أعلن المصدر الأمني أن متفجرات ومواد تستخدم في صنع القنابل كانت مخزنة في المخبأ الواقع في أحد أبنية بيت جالا، واصفاً الاكتشاف بأنه «كبير».
ولم يقتصر التصعيد الإسرائيلي على الجانب العسكري، إذ ذكر مسؤول فلسطيني أن إسرائيل أبلغت السلطة أنها قررت حرمان سكان قطاع غزة من الحقوق المدنية ومعاملات الإقامة الدائمة المعروفة باسم «لم الشمل».
وقال رئيس دائرة الشؤون المدنية، حسين الشيخ، «فوجئنا بأن الجانب الإسرائيلي يبلغنا بحرمان سكان القطاع من حقوقهم المدنية، ولم نحصل على أي تفسير عقلاني لهذه العقوبة الجماعية ضد السكان».
وكانت إسرائيل قد وعدت السلطة بإعادة فتح ملفات «لم الشمل»، والتي تزيد على 50 ألف طلب، إلا أنها صارت تسعى لقصر ذلك على ما يبدو على سكان الضفة الغربية. وتعدّ قضية «لم الشمل» من القضايا الحساسة، وتطفو على السطح حينما يتزوج فلسطيني من غزة أو الضفة من فتاة فلسطينية من أي دولة عربية مجاورة، إذ لا تستطيع الزوجة في هذه الحال البقاء في الأراضي الفلسطينية لأكثر من شهرين، تتحول بعدها إلى مقيمة غير شرعية، ما يمنعها من السفر أو التنقل.
داخلياً، نظم مئات من رجال الأمن التابعين لحركة «فتح»، تظاهرة حاشدة في غزة، لمطالبة الحكومة التي ألّفها الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة بسداد رواتبهم.
وردد المحتجون، الذين جلب كثيرون منهم أطفالهم معهم، عبارات تسأل رئيس حكومة تسيير الأعمال، سلام فياض، عن الأموال، وتردد أن الشعب يعاني الجوع.