نيويورك ــ نزار عبّود
بــرودي يؤكّــد دعمــه لـ«المصالحــة» فـي لبنان... والمالكــي ضــدّ «التدخّـل فـي شؤونـه الداخليــة»


طبعت اليوم الثاني من الجمعيّة العامّة الـ 62 للأمم المتّحدة في نيويورك أمس، مناشدة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المجتمع الدولي مساعدة بلاده على التخلّص من «الإرهاب»، وتحذيره زعماء العالم من أنّ استمرار تدفّق الأسلحة والانتحاريّين عبر حدود بلاد الرافدين سيؤدّي إلى «نتائج كارثيّة» على المنطقة.
وفي كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة التي تختتم اجتماعاتها غداً، أكّد المالكي أنّ بلاده لن تتراجع عن «خيارها الديموقراطي» الذي كلّف شعبه «الكثير من الدماء». وقال إن «هذا الموقف يستدعي من دول العالم مساندة ودعماً ليتمكن (العراقيّون) من بناء دولة عصرية تكفل العدالة والمساواة واحترام التعددية الدينية والفكرية والقومية والمذهبية».
وشدّد المالكي، غداة لقائه مع الرئيس الأميركي جورج بوش، على أهمية مبادرة المصالحة الوطنية، مشيراً إلى أنّها خيار استراتيجي «يمنع انزلاق البلاد إلى هاوية الحرب الطائفية التي يخطّط لها أعداء الحرية والديموقراطية بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء»، في شباط من العام الماضي.
وتطرّق السياسي العراقي، الذي يعيش «معاناة سياسيّة» مع استقالة نحو نصف وزرائه، إلى الشقّ الميداني، فأشار إلى «تحرير الأنبار ومن بعدها ديالى» من الإرهاب، موضحاً أنّ ذلك يعود إلى «مبادرة المصالحة». وأكّد أنّ «ما يزيد على 14 ألف عراقيّ ممّن كانوا يقاتلون مع الإرهابيين تخلّوا عن الإرهاب وانضمّوا إلى القوى الوطنية».
كما أكّد المالكي أنّ القوّات العراقيّة تنمو بسرعة وتتولّى المسؤولية من قوّات الاحتلال، بعد تسلّم الوضع الأمني في 8 محافظات عراقية. وقال: «نحن توّاقون لتسلم كامل المسؤولية الأمنية دفاعاً عن المكتسبات الديموقراطية لشعبنا، ونعمل بجدّ على أن يكون أداء قوّاتنا المسلّحة مهنياً وولاؤها للوطن أولاً». ورأى أنّ «بسط سلطة الدولة على الوطن يأتي على رأس سلّم أولويّات الحكومة، فضلاً عن تعزيز قدرات القوّات المسلّحة».
وفي ما يتعلّق بـ«تصدير الإرهابيين والانتحاريين» إلى بلاده، رأى المالكي، في إشارة واضحة إلى السعودية، أنّ «إصدار الفتاوى التكفيرية من شأنه أن يرتدّ على الدول نفسها التي تنشر الكراهية في المنطقة، فضلاً عن الضرر الذي سيلحق بالمنطقة ككلّ».
ولطمأنة دول الجوار، قال المالكي إنّ «العراق لن يسمح باستخدام أراضيه ضدّ جيرانه، كما يرفض التدخّل في الشؤون الداخلية لدول الجوار»، ولفت إلى حرص حكومته على تفعيل دور الأمم المتحدة في العراق، معترفاً بجميل الدول التي أسهمت في إنهاء الحكم السابق، الذي كان يقوده الرئيس الراحل صدّام حسين.
وفي ختام كلمته، دعا المالكي إلى إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتحقيق السلام العادل والشامل. وشدّد على ضرورة «تكثيف الجهود الوطنية والعربية والدولية لمساعدة لبنان وقواه السياسية على تجاوز حالة الانقسام وعدم التدخل في شؤونه الداخلية لكي يستعيد لحمته الوطنية».
وخلال كلمته أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في ساعة متأخّرة من ليل أمس، أكّد رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي، أنّ بلاده تدعم عملية «المصالحة اللبنانية»، وأنها ستساعد لبنان في استعادة وحدته من خلال انتخاب رئيس جديد. وشدّد على ضرورة عدم إهمال «أسباب النزاعات التي تعصف بالشرق الأوسط، وأوّلها وأهمّها القضية الفلسطينية»، وناشد الجميع للعمل من أجل تحقيق المصالحة بين الشعوب المختلفة وضمن الشعب الواحد.
وبشأن المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، الذي دعا الرئيس الأميركي جورج بوش إلى عقده في واشنطن في تشرين الثاني المقبل، أعرب برودي عن ارتياحه له، ودعا إلى المشاركة الأوسع الممكنة، لأنّه «كلما ازداد عدد الدول المشاركة تحسّنت شروط النجاح». ولفت، في السياق نفسه، إلى أنّ النجاح في الشرق الأوسط يتوقّف على نبذ المصالح الخاصّة للدول. وقال: «علينا أن نبعد جانباً مصالحنا الذاتية في هذا العالم الذي يزداد تأثراً بمرحلة العولمة».
ومن جهتها، قالت المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، في كلمتها، إنّ «الأزمات والنزاعات في القرن الحادي والعشرين قد تسبّب نشوء صراع حضارات، ويجب ألّا يحدث هذا، لذا أدعو إلى التسامح». ولكي يسود التسامح، رأت ميركل أنّه ينبغي احترام الطريق الذي يخطّه المجتمع الدولي.
وربطت المستشارة بين الاغتيالات السياسيّة في لبنان، ولا سيّما في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، و«الهجوم الجبان الذي وقع قبل أيام»، في إشارة إلى إغتيال النائب أنطوان غانم ورفاقه. وشدّدت على ضرورة «الشروع في بدء نشاط المحكمة الدولية الخاصّة باغتيال الحريري بأسرع ما يمكن».
وعن إصلاح الأمم المتحدة، قالت ميركل إنّ المنظمة الدولية يجب أن تكون موحّدة بتوجّهاتها السياسية، بحيث تستطيع تقديم حلول حاسمة لأنّ «الأزمات التي تواجهها كثيرة، والوقت قصير، وليس هناك من حلول إلّا تلك المتعدّدة الأطراف التي تُلزم الدول الأعضاء». وطبّقت هذا التوجّه على المسألة النووية الإيرانية، واتّهمت طهران بتجاهل قرارات مجلس الأمن الدولي وبأنّها تشكّل تهديداً نووياً. وقالت: «إذا حصلت إيران على القنبلة النووية فستكون النتائج كارثة على وجود إسرائيل وعلى المنطقة بأسرها، وأخيراً علينا جميعاً في هذا العالم، لذا علينا أن نحول دون ذلك»، مناشدةً المجتمع الدولي ألّا ينقسم بشأن هذه المسألة.
الرئيس الإندونيسي، سوسيلو بانبانغ يودهويونو، حذّر العالم من تفاقم مشكلتي المناخ، والفقر. وناشد في كلمته، العالم تطبيق العدالة في الشرق الأوسط، ولا سيّما بالنسبة إلى قضية الشعب الفلسطيني. وانتقد تقسيم فلسطين، لأنّ ذلك «لا يخدم العدالة، لذا يجب على (حركتي) حماس وفتح التحاور والتوافق في برامجهما السياسية».

الأزمات التي تواجهها الأمم المتحدة كثيرة، والوقت قصير، وليس هناك من حلول إلّا تلك المتعدّدة الأطراف التي تُلزم الدول الأعضاء... وإذا حصلت إيران على القنبلة النووية فستكون النتائج كارثة على وجود إسرائيل وعلى المنطقة بأسرها، وأخيراً علينا جميعاً في هذا العالم