strong>بول الأشقر
قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، بزيارة خاطفة لحليفه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، ليُعَرِّج بعدها ببضع ساعات على بوليفيا، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز العلاقات بينهما، عبر توقيع اتفاقات تجارية.
ويشكل مرور نجاد على كاراكاس، في زيارته الثالثة هذه السنة، دليلاً قويّاً على عمق التحالف الشخصي بين الرئيسين اللذين تجمعهما خصومة حادة مع الرئيس الأميركي جورج بوش، وأيضاً موقعهما الاستراتيجي في منظمة الدول المصدرة للنفط «الأوبك». وكان تشافيز قد زار طهران ثلاث مرات أيضاً هذه السنة.
وأثارت زيارة نجاد إلى لاباز، اعتراضات من المعارضة البوليفية التي رأت فيها «مسعى يؤدي إلى التهميش»، فيما استبق الرئيس إيفو موراليس الانتقادات، قائلاً إن «العلاقات الدبلوماسية مع إيران وإبرام الاتفاقات الاقتصادية معها، الغاية منها ليست إيذاء أحد ولا استفزاز أحد.. بل التكامل الاقتصادي وتحسين وضعنا الاقتصادي».
وكان تشافيز قد نجح في فتح أبواب لحليفه الجديد بين الدول الصديقة التي «يمون» عليها. وفي هذا الإطار، حضر نجاد حفل ترؤس رافاييل كوريا مقاليد السلطة في الإكوادور السنة الماضية، والتي تلتها زيارة إلى نيكاراغوا. كما شارك أيضاً الرئيس الإيراني في قمة عدم الانحياز التي عقدت في لاهابانا.
وفي خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل أيام، دافع رئيس نيكاراغوا دانييل أورتيغا بشراسة عن حق إيران في الحصول على الطاقة النووية السلمية «وحتى العسكرية. لم لا؟ وليس للولايات المتحدة أي صدقية أخلاقية للتشكيك بهذا الحق».
لكن كل هذه الدول، باستثناء فنزويلا، هي دول صغيرة وفقيرة. ويهمّ نجاد تبادل الزيارات مع دول القارة الكبيرة أمثال البرازيل والمكسيك والأرجنتين.
بالنسبة للبرازيل، اعتذرت عن عدم قدرتها على استقبال الرئيس الإيراني أمس، بسبب ارتباطاتها المسبقة باستقبال رئيس كازاخستان. وفي الواقع، تخضع البرازيل لضغوط من الولايات المتحدة لتقليص استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع إيران، التي تصدر إليها سلعاً بمليارات الدولارات، وتنقب شركتها النفطية «بيتروبراس» في المياه الإيرانية. وقد طلب بوش ذلك «شخصياً» من الرئيس لولا دا سيلفا في إحدى القمم التي جمعتهما. لكن لولا رفض الطلب قائلاً «نحن ملتزمون قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالأسلحة، لا أكثر ولا أقل».
ولم يتطرق الرئيس البرازيلي، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى الملف النووي الإيراني. ولكنه قال، في مؤتمر صحافي على هامشها، «إن إيران لم ترتكب أية جريمة بحق قانون الأمم المتحدة.. ولا تجوز معاقبتها مسبقاً. وإذا كانت إيران تريد أن تخصب اليورانيوم وتتمتع بالطاقة النووية لأهداف سلمية، كما فعلت البرازيل، فهذا من حقها»، فيما أعلن وزير خارجية البرازيل سيلسو أموريم معارضة بلاده، وهي عضو في مجلس الأمن، لعقوبات إضافية على إيران.
أما الأرجنتين، فقصّتها مختلفة. إذ لم يتطرق الرئيس نيستور كيرشنير، بمناسبة خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى الملف النووي الإيراني. ولكنه استغل المناسبة، بعد الاعتراض على سياسات صندوق النقد الدولي وإثارة قضية جزر المالفيناس التي تحتلها بريطانيا وشرح سياسة حكومته في مجال حقوق الإنسان، لـ«التنديد بالموقف الإيراني» الذي تجاهل مطالب القضاء الأرجنتيني.
وكان القضاء الأرجنتيني قد أرسل مذكرات جلب بحق ستة إيرانيين ولبناني متهمين بالتخطيط للعملية التي دمرت مبنى الأميا عام 1994، ما أودى بحياة حوالى مئة أرجنتيني، أكثريتهم من اليهود.
وتعتبر إيران أن التهم الموجهة لها في هذه القضية «ملفقة». ولم يتطرق الرئيس الإيراني إلى المسألة في خطابه الذي شاءت الصدفة أن يلي خطاب الرئيس الأرجنتيني مباشرة.
أما تشافيز، الخبير في جلب الأضواء، فاستبق اللقاء مع حليفه الإيراني بالإعلان عن أنه سيزور السعودية خلال الأسابيع المقبلة وبالتصريح لجريدة «لاريبوبليكا» الإيطالية، قائلاً «أنا متأكد أنه سيطل علينا أحدهم غداً ليشرح لنا أننا اجتمعنا لصنع القنبلة الذرية ولتهديد العالم. فيما اجتماعنا مخصص للثورة الحاصلة في مجال الطاقة وليس للقنابل الذرية».