strong>أردوغان يعرض على أميركا استخدام الأراضي التركيّة خلال الانسحاب
تباينت ردود فعل السياسيين ورجال الدين العراقيين في شأن مشروع تقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي، الذي تبنّاه مجلس الشيوخ الأميركي أول من أمس، إذ رفضه العرب بأطيافهم العربية الشيعية والسنية، فيما أثنى عليه الأكراد. كذلك استحوذ توقيع الاتفاقية الأمنية بين العراق وتركيا في شأن مكافحة حزب العمال الكردستاني على الاهتمام بعدما رفع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أدوغان اللهجة عالياً في وجه السلطات العراقية والأميركية «المتلكّئة».
ودعا ممثّل المرجع آية الله علي السيستاني، الشيخ عبد الهادي الكربلائي، القادة السياسيّين والكيانات السياسية والدينية إلى «عدم الإصغاء لأي مشروع يُطرح يتضمّن تقسيم العراق على أساس طائفي أو عرقي».
بدورها، قالت «هيئة علماء المسلمين في العراق»، وهي أكبر مرجعية سنية في البلاد، إنه «ليس غريباً أن يتبنّى مجلس الشيوخ قراراً غير ملزم بشأن مشروع التقسيم لأن ذلك كان من الأهداف الرئيسية لمشروع غزو العراق، لدى الإدارة الأميركية واللوبي الصهيوني الذي يدعمه»، واصفة كل من يؤيد هذا المشروع، ويسعى إلى تنفيذه، أو الترويج له، «بأنه خائن لدينه ووطنه وأمّته».
أما رئيس الحكومة نوري المالكي فرأى من جهته أنّ قرار مجلس الشيوخ «سيكون كارثة على العراق وعلى المنطقة كلّها»، ودعا البرلمان العراقي إلى «الاجتماع والرد رسمياً على القرار الأميركي».
وأجمعت الكتل السياسية على رفض وإدانة ما وصفته كل من «جبهة الحوار الوطني»، والأحزاب المنضوية في الائتلاف الحاكم (الائتلاف العراقي الموحّد) والتيار الصدري و«القائمة العراقية الموحّدة» وأحزاب «جبهة التوافق العراقية» بـ «قرار التقسيم العنصري الذي يعبّر عن تدخّل فاضح في شؤون سيادية عراقية». كذلك انضمّ كل من مجلس التعاون الخليجي وفرنسا إلى الجامعة العربية في رفض القرار الأميركي، بينما رحّب سياسيون أكراد بالمشروع المذكور.
وفي أنقرة، أخّرت الخلافات بين العراق وتركيا بشأن طبيعة الاجراءات الواجب اتخاذها ضدّ مقاتلي حزب العمال الكردستاني، توقيع الاتفاقية بين وزيري داخلية البلدين حتى يوم أمس. لكنّ التصريحات التي تلت التوقيع عكست نوعاً من عدم الرضى التركي الكامل على بنودها التي لم تنصّ على السماح للأتراك بمطاردة مقاتلي الأكراد داخل العراق.
وقال الوزير التركي بشير أتالاي «لم نتمكّن من التوصّل الى اتفاق بشأن بند يتعلّق بتحسين التعاون الأمني على الحدود، لكنّ المفاوضات بشأن هذه القضية ستستمرّ».
وكان أردوغان قد استبق الاتفاقية الثنائية، فوجّه من نيويورك إنذاراً إلى كل من السلطات العراقية والأميركية من استمرار «التساهل» في مسألة حزب العمال الكردستاني. وحذّر أردوغان واشنطن من أنّ «عدم قيامها بما يلزم ضدّ الانفصاليين الأكراد سيضرّ جدياً بعلاقاتنا الثنائية». وختم أردوغان كلامه بالتأكيد على أنّ بلاده ستدرس ايجابياً السماح للجيش الاميركي بالانسحاب من العراق مروراً بأراضيها. غير أنّ الرفض الأميركي لهذه الدعوة أتى بسرعة من وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الذي أكد أنّ بلاده لن تحدّد حالياً موعداً لمغادرة العراق ولن تناقش احتمالات الانسحاب مروراً بتركيا.
ومثلما كان متوقّعاً، أكّدت حكومة إقليم كردستان العراق أمس رفضها للاتفاق الأمني. وقال المتحدث باسمها، جمال عبد الله، في بيان صحافي، إن «أي اتفاق أمني بين العراق وأي دولة أخرى لا يمكن القبول به من دون أن يمرّ عبر المؤسّسات الدستورية في الإقليم الكردي».
إلى ذلك، وصلت الحرب الكلامية بين رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي ونوري المالكي إلى ذروتها، حيث اتّهم الأوّل، في مقابلة مع صحيفة «ديلي تلغراف» أمس، رئيس الوزراء الحالي بشنّ «حملة قمع على خصومه السياسيّين أكثر أسوأ من عهد نظام صدام حسين وتحكّم حزبه (الدعوة الاسلامية) بأجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للحكومة»، محذّراً من أن ينقلب مسلّحو العشائر الذين باتوا يقاتلون إلى جانب الولايات المتحدة في محاربة تنظيم «القاعدة» عليها «ما لم يتم منحهم، وعلى محمل السرعة، صوتاً في العملية السياسية».
إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي زار أمس ضريح الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في مدينة القرداحة ووضع اكليلاً من الزهر عليه «تعبيراً عن الشكر والعرفان لمواقف الرئيس الراحل المساندة للشعب العراقي في أحلك الظروف»، معبراً عن «تقدير العراق لاحتضان سوريا للمهجَّرين العراقيين وتحملها العبء الأكبر في هذا الموضوع».
ميدانياً، أعلن الجيش الأميركي عن مقتل أحد جنوده في حادث «غير قتالي» في محافظة الأنبار. وارتكبت المروحيات الأميركية أمس مجزرة أودت بحياة عشرة عراقيّين في قصف جوي على مبنى سكني في منطقة الدورة جنوب بغداد، وقُتل نحو 15 عراقياً في تفجيرات انتحارية وعمليات اغتيال طاولت مختلف المحافظات.
(أ ب، أ ف ب، د ب أ، رويترز، يو بي آي)