استغلت حكومة حزب «العدالة والتنمية» التركي الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد في اليومين الماضيين لشن حملة شعواء على كل من يتظاهر ضدها وعلى الإعلام الذي ينتقدها، فضلاً عن أحياء وصفتها بأنها «معاقل لليسار المتطرف وللأكراد»!وواصلت قوات الأمن التركية يوم أمس حملة الاعتقالات في أوساط اليسار «المتطرف» بعد الهجومات الذي نفذتها «الجبهة الثورية لتحرير الشعب» في اليومين الماضيين في اسطنبول، حيث داهمت وحدات مكافحة الإرهاب في ساعة مبكرة حي أوك ميداني، مدعومة بآليات مصفحة ومروحية، واعتقلت حوالى 10 أشخاص مقربين من «الجبهة». كما نفذت فرق مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة عمليات متزامنة في ولاية قارص شرق تركيا، حيث ألقت القبض على 5 عناصر يشتبه في انتمائهم للجبهة، وصادرت بعض الوئائق التي تعود للتنظيم.

وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قد أعلن بعد مشاركته في تشييع المدعي العام الذي قُتل يوم الثلاثاء إثر مداهمة قوات الأمن مكتبه في قصر العدل، حيث كان يحتجزه عنصران من «الجبهة الثورية»، إن العملية نفذها «تحالف الشر» الذي يضم «الإرهابيين» والمتظاهرين المناهضين للحكومة!
وهدد أوغلو كل الذين ينوون استغلال الأحداث تلك لتحدي حكومته، قائلاً «إذا تظاهر أحدهم ملثماً أو حاملاً زجاجة حارقة، فأنا أحذّره بأننا لن نقبل بذلك». ورداً على تصريحات المسؤولين الحكوميين (من حزب العدالة والتنمية)، دانت المعارضة ما وصفته بإخفاقات السياسة الأمنية للحكومة، وطالب الحزب الديموقراطي الشعبي بالحصول على «كل التفاصيل» في مقتل المدعي العام، في حين دعا حزب الشعب الجمهوري النظام الى «الهدوء والحكمة» لإعادة الأمن الى البلاد.
وفتح القضاء التركي يوم أمس تحقيقاً بحق أربع صحف اتهمها بـ"الدعاية للإرهاب»، وانتقد المدعي العام لاسطنبول صحف «حرييت» و"جمهورييت" و"بوستا" و"بوغون" لنشر صورة المدعي سليم كيراز مع أحد المهاجمين وهو يصوّب مسدسه الى رأسه. كما أُرغمت إحدى المجموعات الصحافية الرئيسية في البلاد على نشر اعتذارات رسمية على مواقع إلكترونية وعلى صفحاتها «لاستخدامها السيئ لصورة تمثل رمز منظمة إرهابية»؛ علماً بأن هيئة مراقبة الإعلام السمعي والبصري التركية حظرت على قنوات التلفزيون أثناء عملية الاحتجاز النقل المباشر لمجريات الأحداث، كما منع داود أوغلو وسائل الإعلام التي نشرت الصور المذكورة من تغطية جنازة المدعي العام يوم الأربعاء، قائلاً في ختام مراسم التشييع إن «حرية الصحافة مهمة بأهمية الامتناع عن المشاركة في الدعاية الإرهابية»!

(أ ف ب، الأناضول)