بعد أشهر من التأزّم السياسي، اقترع الأوكرانيّون أمس لاختيار برلمان جديد في انتخابات نيابيّة هي الرابعة خلال 3 سنوات في الدولة السوفياتيّة السابقة التي لم تعرف الهدوء النسبي منذ إطاحة «الثورة البرتقاليّة» الحكم الموالي لموسكو عام 2004، وإظهارها مدى التباين بين شرق البلاد الذي يتحدّث الروسيّة، والموالي إجمالاً إلى رئيس مجلس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش، وغربها المنقسم بين تأييد الرئيس فيكتور يوتشينكو، و«حليفته» رئيس الوزراء السابقة يوليا تيموتشينكو.وبعد الإدلاء بصوته في كييف، لفت يوتشينكو إلى أنّه يتوقّع انتخابات حرّة ونزيهة بنتائج مقبولة من كل الفصائل السياسية. وقال «أنا متأكد من أنّه ستكون هناك بعض الانفعالات (بعد الانتخابات). لكنها سرعان ما ستنتهي»، فيما يتوقّع المحلّلون أن تتمّ جولات استشارات حسّاسة لتحديد ائتلاف وزاري جديد.
وفي وقت لاحق، أعلن يوتشينكو المدعوم من الغرب، أنّه سيقبل بما ستسفر عنه الانتخابات، موضحاً أنّه لن تكون هناك «ثورة برتقالية» أخرى اعتراضاً على نتائجها. أمّا تيموتشينكو، التي تخوض الاستحقاق بشعار «محاربة الفساد» آملةً ولاية جديدة في رئاسة الحكومة، فقد شدّدت على أنّ «الناخبين تعبون من الانتظار»، فيما يبدو أنّ إقبالهم، للاختيار بين المرشحين الذين يمثلون 20 حزباً، سيتخطّى نسبته في انتخابات العام الماضي، حين بلغ 58 في المئة.
وفي الوقت الذي لا تؤكد فيه مؤشرات واضحة إلى الجهة التي ستسيطر على الـ «رادا» (البرلمان)، تشير الاستطلاعات إلى أنّ هناك 3 أحزاب واثقة بالحصول على مقاعد. ففي المركز الثاني، يُتوقّع حلول كتلة تيموتشنكو بنسبة تراوح بين 20 و25 في المئة من الأصوات، بينما سيحصل «الحزب القومي الأوكراني للدفاع عن النفس»، الموالي ليوتشينكو، على حوالى 18 في المئة من الأصوات ليحلّ ثالثاً.
أمّا المركز الأوّل، بحسب الاستطلاعات، فسيكون من نصيب «حزب المناطق»، الموالي للكيانات الاقتصادية، بنسبة تأييد بين 30 و35 في المئة. وبعد التصويت، أشار زعيمه يانوكوفيتش، المدعوم من روسيا، إلى أنّ البلاد «تخضع لامتحان»، محذّراً من أنّه لن يقبل بنتائج تبيّن مدى الزيف والغشّ، في إشارة إلى أنّه سيطعن بنتيجة ليست لمصلحته، بعدما قبل إجراء هذه الانتخابات في تسوية لتهدئة البلاد بعد الزوبعة التي أثارها يوتشينكو بقراره حلّ البرلمان في نيسان الماضي.
وذكرت الاستطلاعات نفسها، أنّ هناك حزبين صغيرين آخرين تتأرجح شعبيّتهما حول نسبة الـ3 في المئة المطلوبة للدخول إلى المجلس التشريعي، ما يعني أن دخولهما البرلمان ليس محسوماً بل في يد الناخبين الذين يبلغ عددهم 37.5 مليون شخص في بلد تعداد سكّانه 47 مليون نسمة.
وفيما يراقب الأميركيّون والروس تطوّر الأحداث في أوكرانيا، في ظلّ إشارات إلى إمكان حدوث سيناريو مشابه لـ«الثورة البرتقاليّة» ينفّذه المخيّم الآخر، حذّر ممثّل روسيا لمراقبة الانتخابات، فاديم غوستوف، من أنّ «نتيجة التصويت قد تكون الهدوء الذي يحلّ في أوكرانيا أو استمرار الصراع بين الأحزاب الطامعة بالسلطة، وفي هذه الحالة ستبقى أوضاع هذا البلد غير مستقرّة».
وكانت صحيفة «كومرسانت» الروسيّة قد ذكرت أنّ سفير روسيا لدى أوكرانيا، فيكتور تشيرونميردين، ربط النتائج المقبلة بالسعر الذي سيفرضه الكرملين على صادرات الغاز الطبيعي لأوكرانيا.
وذكرت «كومرسانت» أنّ إدارة شركة «غازبروم»، التي تحتكر تجارة الغاز الطبيعي الروسي، تنوي تسعير الوقود الذي يصدّر إلى أوكرانيا بسعر يراوح بين 145 و175 دولار لكلّ ألف متر مكعب إن استطاع حزب «الأقاليم» السيطرة على البرلمان. إلّا أنّ التكلفة يمكن أن ترتفع لتصل إلى 230 دولاراً، وهو السعر الذي يباع به في أوروبا، لو نتج من الانتخابات تولّي حكومة بزعامة تيموتشينكو منصب رئيس الوزراء، وهي وضعيّة حرجة لبلاد تستورد ثلثي غازها من الجار الروسي.
(أ ب، يو بي آي، د ب أ)