رام الله ــ سامي سعيد
تنــافس فــي المقــاومة والمشــاريع الخيــرية لــكسب الشــارع الفلــسطيني


ألقت الاشتباكات الداخلية خلال الأيام الماضية بين عناصر «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة بظلالها على التوترات الخفية بين الحركتين، التي زادت بعد سيطرة «حماس» على القطاع في 14 حزيران الماضي.
وكشفت هذه الاشتباكات جزءاً من حالة الاحتقان المتصاعدة بين الطرفين اللذين يتنافسان في المقاومة وفي المشاريع الخيرية لكسب الشارع الفلسطيني لصفوفهما، وتشكل دليلاً حسياً على أن الجهود الرامية إلى توحيدهما، قبل أحداث غزة، لم تتكلّل بالنجاح رغم الحديث المفرط في صفوف قادة التنظيمين عن التقارب والتوحّد لمواجهة الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية.
واستدعت الأحداث الأخيرة إلغاء ندوة سياسية كان من المقرر أن ينظمها «مركز فلسطين للدراسات والبحوث»، الذي يديره القيادي في «الجهاد» محمد الهندي، وكانت ستجمعه مع القيادي في «حماس» محمود الزهار.
وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة أن الاشتباكات الأخيرة جاءت بعد ظهور إشارات عديدة إلى توترات غير معلنة بين الطرفين في العديد من القضايا العالقة، بينها نشاط القوة التنفيذية التابعة لـ«حماس» واستيلاء الحركة على بعض المؤسسات الخيرية التابعة لـ«الجهاد».
وأشارت المصادر إلى أن القوة التنفيذية اعتقلت خلال الأيام الأخيرة العديد من نشطاء «سرايا القدس»، الذراع المسلحة لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، وأطلقت النار على بعضهم في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بعد اغتيال القائد في «السرايا» عمر الخطيب. واقتحمت القوة نفسها العديد من الأفراح التي كان يطلق عناصر «الجهاد» النيران فيها ابتهاجاً، بعدما كانت القوة التنفيذية منعت إطلاق النار في الهواء.
وأوضحت المصادر أن القوة التنفيذية ارتكبت العديد من «التجاوزات» بحق مؤسسات اجتماعية تابعة لـ«حركة الجهاد»، وبينها رياض أطفال، وبعض المساجد التي تشرف عليها «الجهاد»، مبررة ذلك بأنها كانت تعتقد أن هذه المؤسسات تابعة لحركة «فتح». وعند تدخل قيادات «الجهاد» في الأمر، قدّم مسؤولو «حماس» اعتذاراً خجولاً عما جرى وأعادوا هذه الجمعيات والمساجد إلى أصحابها.
وذكرت المصادر أيضاً أن حركة «حماس» والقوة التنفيذية قدمتا احتجاجات لقادة «الجهاد الإسلامي» في غزة على إطلاق النار المفرط الذي يقوم به عناصر «سرايا القدس» عند تشييع شهدائهم، وخصوصاً بعد سيطرة الحركة على غزة، ما دفع بنائب الأمين العام لـ«الجهاد» زياد نخالة إلى إصدار أمر من دمشق لكوادر تنظيمه في القطاع بعدم إطلاق النار في جنازات الشهداء لأي ظرف كان.
وتأخذ «حماس» على «الجهاد» أنها لم تبد موقفاً واضحاً مما قامت به في غزة ولم تؤيد خطواتها التي تقول إنها اجتثاث للفساد من القطاع. كذلك تنتقد بعض تصريحات قادة «الجهاد» الذين يدعون إلى وقف ملاحقة عناصر «فتح» في القطاع ويرون أن «حماس» «تمادت في ما تقوم به ولا يجوز أن تستغل قوتها للضغط على الآخرين».
وتردّ «الجهاد» على ذلك بأنها «ليست في وارد توزيع التهم وتبرير المواقف»، وأن «همها الوحيد تقريب وجهات النظر» بين «حماس» و«فتح» لعودة الحوار بينهما بعد فشل كل الوساطات والجهود الرامية إلى ذلك.
وفي محاولة لتخفيف الاحتقان، دعت «سرايا القدس» كل خلاياها العاملة في قطاع غزة إلى تكثيف الضربات ضد الاحتلال الإسرائيلي في كل الأماكن وتصعيدها، للإبقاء على جذوة المقاومة مشتعلة بعيداً عن أي خلاف داخلي.
وقال مسؤول في «السرايا» إن «تعليمات مشدّدة صدرت لمجموعات المرابطين والمجموعات الميدانية ووحدات الصواريخ والاستشهاديين تدعوهم إلى تكثيف عملهم الجهادي النوعي وضرب العدو أينما وجد وعدم الانجرار وراء أي اقتتال داخلي».
ويرى مراقبون ومتابعون أن الأحداث الأخيرة في القطاع مرشحة للزيادة في ظل حالة التجييش والاحتقان بين الطرفين، وهو ما يدعو «حماس» و«الجهاد» إلى «الجلوس معاً خشية تكرار مأساة الاقتتال الداخلي من جديد».
ويشير هؤلاء إلى أن أي اقتتال بين «حماس» و«الجهاد» ستكون «عواقبه وخيمة وسيفيد فقط إسرائيل، التي سعت جاهدة خلال الفترة الأخيرة إلى بث أخبار مفبركة ومنسوبة لمصادر فلسطينية تفيد بمنع حماس لعناصر الجهاد من مقاومة الاحتلال»، وهو ما تنفيه الحركتان، وتؤكدان أن «حق مقاومة الاحتلال مشروع ولا يجرؤ أحد على الوقوف أمام من يتصدى لعدوان الاحتلال».