القاهرة ــ الأخبار
للمرّة الأولى منذ سنوات، اضطرّ الوزراء المصريّون إلى قطع إجازتهم وترك منازلهم الصيفية فى منتجع «مارينا»، ليعودوا إلى حرّ القاهرة غير المسبوق منذ سنوات طويلة، بسبب تعديل وزاري وشيك متوقّع قبل المؤتمر المقبل لـ«الحزب الوطني» الحاكم.
التوقّعات بإمكان التعديل الوزاري بدأت من كلمة عابرة فى تصريحات للرئيس حسني مبارك قال فيها «إنّه وارد»، وذلك رداً على احتمال أن تتغيّر أو تتعدّل حكومة أحمد نظيف قريباً. والمقرّبون منه قالوا إنّ التعديل كان مقرراً بعد مؤتمر الحزب في تشرين الثاني المقبل، إلّا أنّ الأزمات العاصفة التي تفجّرت في الأشهر الأخيرة، بداية من أزمة العطش ومروراً بأزمات الخبز وارتفاع الأسعار وحتى بيع بنك القاهرة، عجّلت بالقرار.
ويضاف إلى عوامل التسريع، تصرّفات بعض الوزراء مثل وزير العدل ممدوح مرعي، الذي وصلت علاقته مع القضاء إلى ساحات المحاكم، وتطلّب الأمر تشكيل لجنة من مبارك نفسه، مكوّنة من رئيس ديوانه ومستشاره القانوي، لتقويم أداء الوزير.
كما أنّ اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي شهد حرب اتهامات حول بيع بنك القاهرة، يبدو أنّها كانت فى إطار حرب أكبر لتصفية الخصوم المتوقّعين على منصب رئاسة الحكومة المقبلة؛ فالساحة مفتوحة الآن لصراعات تحتية بين الأجنحة المحيطة بالرئيس وابنه جمال، الذي دار الحديث كثيراً عن صراع غير معلن بينه وبين نظيف، بعدما وثّق الأخير علاقاته مع أطراف في مطبخ القرار الأميركي، وأصبح هدفاً من صحافة مرتبطة بمبارك الابن ومجموعته في لجنة السياسات في الحزب الحاكم.
وعلى الرغم من ذلك، هناك جناح في السلطة يدعم نظيف على اعتبار «أنّه لم يحصل على فرصته بعد، ويجب أن تترك له ولحكومته الثانية 3 سنوات إضافية». فيما أصوات أخرى ترى أنّ المزاج الاقتصادي للحكومة الحالية يحتاج إلى وقت، إلّا أنّه يحتاج أيضاً إلى «رئيس حكومة جديد»، على ما يردّده المتحمّسون لتغيير نظيف ويرشحون بدلاً منه وزير الصناعة والتجارة رشيد محمّد رشيد.
ورشيد تحوّل من رجل أعمال وصاحب توكيلات شهيرة مقيم في لندن ويشعر بالغربة في أيّامه الوزارية الأولى، إلى رجل أقرب إلى السياسة ويتحدّث في قضايا التوريث ويتعامل كسياسي مخضرم في تطوّر ربَطه المراقبون بتصاعد علاقاته مع الولايات المتحدة التي وصلت إلى حد إشادة الرئيس الأميركي جورج بوش به بالاسم.
وفيما وصول جمال مبارك إلى رئاسة الوزراء ليس وارداً بواقع أنّ فحوى القضيّة تعديل لا تغيير، هناك من بين المرشّحين المحتملين شخص بعيد عن الحكومة هو محافظ البنك المركزي المقرّب من مبارك، فاروق العقدة، بسبب طريقته السهلة فى شرح الأزمات الاقتصادية.