في وقت تنسحب فيه القوات البريطانية من جنوب العراق، حيث لم يبقَ منها سوى 9 آلاف جندي يتمركزون في البصرة خصوصاً، من أصل 40 ألف في نيسان 2003، يتصاعد القتال الداخلي بين الميليشيات الشيعية في المدينة، التي لا سيطرة إيرانية كاملة عليها، سعياً إلى فرض هيمنة سياسية و هيمنة على المصادر النفطية في تلك المنطقة.هذه هي الخلاصة التي انتهت اليها دراسة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في عددها الصادر أمس، وهي نتائج شبيهة بما سبق لتقرير صدر عن «مجموعة الأزمات الدولية» في حزيران الماضي أن أشار إليه.
وبحسب الصحيفة، فإن ثلاث مجموعات سياسية شيعية (هي «جيش المهدي»، وحزب «الفضيلة الإسلامي»، و«المجلس الأعلى الإسلامي في العراق»)، تخوض صراعاً دموياً حوّل البصرة إلى أيدي الميليشيات والعصابات التي امتدّت هيمنتها إلى المكاتب البلدية وشوارع الضواحي في المدينة. ورغم ذلك، وصف نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في شباط الماضي البصرة بأنها الجزء العراقي الذي «تسير فيه الأمور بشكل جيد جداً».
ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي رفيع المستوى في بغداد قوله «من الصعب وصف البصرة اليوم كقصة نجاح، فهي أصبحت نموذجاً سلبياً نخشى أن يمتد إلى مناطق الشيعة من بغداد إلى الخليج». كما حذّرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في تقرير صدر عنها أخيراً، من قيام حرب بين الشيعة بعد تقليص عدد القوات الأميركية في العراق. وقال مسؤول استخباري أميركي في بغداد للصحيفة «لقد هُزم البريطانيون مبدئياً في الجنوب»، مضيفاً إنهم «محاصرون في مقارّهم مثل الهنود والكاوبوي» من جانب عناصر الميليشيات.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الإدارة الأميركية كانت متردّدة في الإفصاح عن انتقادها للفشل البريطاني في البصرة، غير أن خبيراً دفاعياً يعمل مستشاراً أمنياً في بغداد قال إن واشنطن «تشعر بالقلق الشديد من انعدام الأمن والقانون في البصرة، ومن التأثير السياسي والعسكري للانسحاب البريطاني المرتقب».
وأشارت الصحيفة إلى فصل رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لمحافظ البصرة محمد الوائلي المنتمي إلى حزب الفضيلة من منصبه، وإلى رفض الحزب تسليم المسؤولية في المحافظة إلى الحكومة، ووصفه للحكومة بأنها «بعث جديد»، لتؤكد درجة الحقد الذي يكنّه «الفضيلة» الشيعي إلى الائتلاف الشيعي الحاكم بزعامة المالكي.
ورأت الصحيفة أنه رغم التأثير الإيراني في المنطقة، تربوياً ودينياً وتسليحاً ومالياً، إلا أن المسؤولين الأميركيين والخبراء المستقلّين يعتقدون أن الأحزاب العراقية تستغل إيران لا العكس.
وعن الخلافات بين التنظيمات الشيعية وايران، قال أحد المسؤولين الأميركيين إنه «عندما يريد شيعي جنوبي إغاظة أحدهم، يطلق عليه اسم إيراني»، مضيفاً إن الولايات المتحدة «قلقة دائماً من النفوذ الإيراني، لكن هناك فارق بين النفوذ والسيطرة. سيكون دائماً من الصعب على الإيرانيين فرض سيطرتهم على الجنوب».
(يو بي آي، الأخبار)