strong>التوتّر بين روسيا وجورجيا موجود منذ انتصار «الثورة الورديّة» في الجمهوريّة السوفياتيّة السابقة على الحكم الموالي لموسكو في عام 2003. إلّا أنّ يوم أمس شهد تطوّراً عكّر الهدوء النسبي الذي ميز العلاقات خلال العام الجاري، وتمثّل بسقوط صاروخ على أراض جورجيّة. حادث نفت موسكو علاقتها به، فيما اتّهمتها تبليسي بافتعاله لـ«نشر الرعب»
اتهمت جورجيا الجار الروسي، أمس، بإطلاق صاروخ موجّه على أراضيها، عبر مقاتلات «أس يو ـــ 24» اخترقت الأجواء الجورجيّة، سقط قرب قرية تسيتلوباني الواقعة على بعد 65 كيلومتراً غربي العاصمة تبليسي، من دون أن ينفجر. ودان الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي العمل، معتبراً إيّاه «استفزازاً» من روسيا من أجل «زعزعة استقرار النظام» في بلاده و«ابتزاز المسار السياسي» فيها.
ورغم نفي سلاح الجوي الروسي، على لسان مساعد قائده العقيد ألكسندر دروبيشفسكي، أيّ صلة له بالأمر، «لأنّ طائراته لم تقم بأي طلعات فوق المنطقة» وأنّ تبليسي لم تقدّم أيّ دليل على صحّة مزاعمها، إلّا أنّ ساكاشفيلي صعّد هجومه الإعلامي، لدى زيارته المنطقة «المتضرّرة»، معتبراً أنّه على أوروبا إدانة موسكو لأنّ «هذه ليست مشكلة جورجيا، إنّها مشكلة للأمن الأوروبي».
وبعدما لفت وزير الداخلية الجورجي فانو ميرابيشفيلي إلى أنّ الطائرتين أقلعتا من روسيا وافتعلتا «العمل العدواني»، استدعت تبليسي السفير الروسي لديها فياتشيسلاف كوفالينكو إلى وزارة الخارجيّة وسلّمته مذكرة احتجاج على الحادث.
ولروسيا تاريخ طويل من العلاقات المتوترة مع جورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة والحليفة الوثيقة للولايات المتحدة الطامحة لعضويّة في «حلف شمالي الأطلسي»، وذلك مذ أطاحت «الثورة الوردية» النظام القديم قبل 4 سنوات وانتخاب ساكاشفيلي الموالي للغرب رئيساً للبلاد.
ويتكهّن محلّلون بأن الخلاف مع جورجيا قد يصبّ في مصلحة مجموعة في الكرملين تتنافس لتحسين وضعها قبل انتخابات الرئاسة عام 2008 عندما يتنحّى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما يقول مسؤولون في موسكو إنّ تبليسي هي التي تقوم «باستفزازات» لإثارة صراع مع موسكو لكي تشتّت الانتباه عن إخفاقات حكومتها.
وتقع تسيتلوباني على بعد كيلومترات قليلة إلى الجنوب من أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في جورجيا، التي تعدّ أيضاً من أسباب التوتّر بين موسكو وتبليسي، حيث تقدّم روسيا دعماً معنوياً ومالياً للقيادات الانفصالية هناك «للسيطرة على الأمن واحتواء أيّ تدهور فيه».
وقال زعيم أوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكويتي إنّ جورجيا هي التي أطلقت الصاروخ في عمل «استفزازي مدبّر جيداً»، للإساءة إلى موسكو، مثل الذي حدث في عام 2002، عندما اتّهمت موسكو بإرسال مقاتلات لقصف منطقة نائية في شمال شرق جورجيا قرب الحدود مع روسيا.
من ناحية أخرى، وفيما أعلن سلاح الجوّ الروسي أنّه سينظّم في 12 من الشهر الجاري في مطار مونينو في ضواحي موسكو العرض الأكبر للتقنيات العسكرية في السنوات الـ 15 الأخيرة، بالتزامن مع الذكرى السنوية الـ 95 لتشكيل القوّة الجوية الروسيّة، كشف مساعد قائد القوّات البحرية الروسية العقيد إيغور ديغالو عن تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ باليستي من غواصة ذرية في منطقة المحيط الهادئ إلى ساحة التجارب «تشيجا» في شمال روسيا.
ونقلت وكالة الأنباء الروسيّة «نوفوستي» عن ديغالو قوله إنّ الغوّاصة الذرية الاستراتيجية «بيتروبافلوفسك كامتشاتكسي» أجرت المناورة، بعدما كان وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف قد أبلغ بوتين في تقرير قدّمه له في الثالث من الشهر الجاري عن التجارب الجارية على الأسلحة الصاروخية، وبينها صاروخ «يارتس» الأرضي و«بولافا» البحري، و«خ ـــ 102» الجوّي، مشيراً إلى أنّ القوّات الروسية قد حصلت في العام الجاري على أكثر من 30 نموذجاً جديداً من الأسلحة.
إلى ذلك، قال بوتين أمس إنّ نتائج البعثة الروسية إلى القطب الشمالي، التي زرعت علم بلادها على عمق 4.5 كيلومترات في المحيط المتجمّد الشمالي، يجب أن «تشكّل أساساً لموقف موسكو» في إطار تسوية مسألة ملكية هذا الجزء من الجرف القاري. وأشار، خلال اجتماعه مع المشاركين في البعثة أرتور تشيلينغاروف وأناتولي ساغاليفيتش، إلى أنّ «امتداد جرفنا القاري أمر لا بد من إثباته في المنظمات الدولية».
يذكر أنّ انتقادات كثيرة وجّهت إلى موسكو بسبب بعثتها الساعية لتأكيد الحقّ الروسي في ثروات النفط والغاز التي يختزنها المتجمّد الشمالي، وبينها الموقف الأميركي والكندي.
(يو بي آي، أ ب، أ ف ب، رويترز)