حيفا ــ فراس خطيب
نصبت شرطة الاحتلال الإسرائيلية، بالتعاون مع سلطة الضرائب ومؤسسة التأمين الوطني الإسرائيليتين أخيراً، «حواجز جباية» في أرجاء الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، حيث توقف السكان الفلسطينيين وتفحص ما إذا كانت عليهم ديون لسلطة الضرائب أو التأمين الوطني، وإذا كان كذلك، يطالب الفلسطيني بدفع الدين فوراً أو حجز سيارته مباشرة، ما يعتبره الفلسطينيون «ابتزازاً»، وخصوصاً أنّ الشرطة تخصص الأحياء الفلسطينية فقط بهذه الإجراءات.
وقدّمت «جمعية حقوق المواطن»، أمس، بواسطة المحامية طالي نير، التماساً إلى المحكمة الإسرائيلية العليا مطالبة باستصدار أمر يمنع الشرطة وسلطة الضرائب والتأمين الوطني من الاستمرار بهذه الممارسات، واستخدام الحواجز لغرض جباية الديون، مشددة على أنَّ الأسلوب الذي تتبعه الشرطة «ليس قانونياً ويمسّ بحقوق الإنسان».
وأشارت نير إلى أن توقيف السكان عند «حواجز الجباية» يعتبر «خطوة تتعدى صلاحيات الشرطة الممنوحة لها بموجب القانون، وإساءة في استخدام السلطة بشكل ينتهك حقوق الإنسان الفلسطيني، في الكرامة والمساواة وحرية التنقل والخصوصية والحق في التقاضي العادل»، مبيّنة الأضرار اللاحقة بسكان هذه المناطق بسبب اختناق حركة السير والتأخيرات الحاصلة نتيحة ذلك. وبالتالي، فإن استخدام الحواجز بهذا الشكل غير القانوني ما هو إلا «عربدة وابتزاز للسكان وإخافتهم بالتهديد والوعيد من دون إفساح المجال للمدين بالدفاع عن حقه أو الاستئناف على قراراتهم».
وقال محمد أبو الحمص، من سكان القدس الشرقية المحتلة، لـ«الأخبار» إن هذه الحواجز لا تلحق الضرر فقط لمن عليه تسديد الدين، بل تضيّق أيضاً على السكان الفلسطينيين. وأضاف «والدتي تعالج من مرض الكلى، وبسبب الحواجز، نجبر على التأخير. وهذا يضر بالوالدة لأن التوقيت لعلاجها يأتي دقيقاً».
ويروي أبو الحمص المعاناة اليومية عند الحواجز، مشيراً إلى أن القضية لا تقتصر على الضرائب فقط. ويقول «يبدأون في فحص السيارة، وإذا وجدوا شيئاً ليس في مكانه يمنعون سائقها من قيادتها. يجعلون من إلقاء تحية الصباح جريمة استفزاز لمجرّد الاستفزاز».
وقال الباحث الميداني في جمعية حقوق المواطن، مهند عناتي، لـ«الأخبار»، إنّ «الناس يشعرون في القدس الشرقية أنَّ هدف الحواجز سياسي لا فقط من أجل الضرائب»، متسائلاً «لماذا تنصب هذه الحواجز في القدس الشرقية فقط في وقت أن هناك نسبة كبيرة من الإسرائيليين اليهود يتهربون من الضرائب ولا يدفعونها ولم نشاهد ذات يوم أن الشرطة نصبت حواجز جباية خارج المناطق الفلسطينية».
وأشار عناتي إلى أن تعامل الشرطة مع المواطنين عند الحواجز «سيئ للغاية»، وأن الفلسطينيين في القدس المحتلة أحياناً يصلون إلى الحاجز ولا يعرفون أنّ عليهم تسديد الديون لهذه المؤسسات، مشيراً إلى أنّه «في القدس الشرقية يوجد 250 ألف فلسطيني، وثلاثة أو أربعة فروع بريد فقط، والناس لا يعرفون شيئاً عن ديونهم في حال كانت».
وتطرّق عناتي إلى جانب آخر، وهو أنَّ الناس «لا يشعرون أصلاً بأنهم يتلقون الخدمات من قبل السلطات الإسرائيلية، وخصوصاً أنّهم يعانون تمييزاً كبيراً في مجالات الحياة. فلماذا عليهم دفع الضرائب، وهم لا يتلقّون أي خدمات في المقابل؟».
وذكر عناتي أيضاً أنه حتى فحص الدين ليس دقيقاً، ويتم بصورة استفزازية لا يمكن معارضتها أو الاستئناف عليها.
وقد أوقفت الشرطة الإسرائيلية الباحث الفلسطيني د. عادل مناع، أحد الملتمسين، على بعد 200 متر من منزله في القدس المحتلة، حيث أعلم أنه مدين لسلطة ضرائب الممتلكات، وخُيّر بين دفع المبلغ كاملاً على الفور أو حجز سيارته. حاول مناع جاهداً إقناع الشرطي بأنه قام بدفع كل المستحقات لضريبة الأملاك، بل إنه من المفروض أن يسترجع بعضها، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل، واضطر للعودة إلى بيته من دون السيارة، لتأمين المبلغ ودفعه للشرطة. وبالفعل، بعد ثلاثة أسابيع من الحادثة، تلقّى مناع رسالة من سلطة الضرائب تبلغه بأن هناك فائضاً في رصيده.