غزة ــ رائد لافي
الصراع الفلسطيني الداخلي مغلق أمام أي أفق للحل. هذا ما أكده الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين أغلق الباب أمام أي مبادرات وساطة، في وقت بات الوضع الاقتصادي في قطاع غزة على حافة الانهيار


شدّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد لقائه رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت في عمان، أمس، على أن المبادرة العربية للسلام وخريطة الطريق ورؤية الرئيس الأميركي جورج بوش «ستكون الإطار لأي مؤتمر يتحدث عن سلام عربي ـــــ إسرائيلي»، مشدداً على أن «المؤتمر الدولي يجب أن يكون منذ البداية محدّد الأهداف والجهات التي ستحضره».
ونفى الرئيس الفلسطيني وجود وساطات بين السلطة الفلسطينية وحركة «حماس»، مؤكداً أيضاً عدم وجود مخوّلين بإجراء أي حوار معها. وقال «أعلنّا موقفنا مسبقاً وقلنا إن على حماس أن تتراجع عما قامت به في غزة، وبعد ذلك يكون لكل حادث حديث». وأشار إلى أن أي حديث عن وساطة بين السلطة وحركة «حماس» هو أمر «عار عن الصحة».
وتزامن الرفض الجديد للرئيس الفلسطيني مع دعوة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حركتي «فتح» و«حماس» إلى إجراء حوار مباشر على قاعدة اتفاقيتي القاهرة ومكة بما يضمن وحدة الشعب الفلسطيني.
وأشار صالح، خلال لقاء رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل فى صنعاء، إلى استعداد بلاده لمتابعة تنفيذ المقترح واستئناف الحوار وما سيتم الاتفاق عليه.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) إن مشعل رحب بالمقترح الذي سيعرض على الرئيس الفلسطيني، مشيرة إلى أن مشعل أطلع صالح على طبيعة الأحداث الأخيرة وتعقيدات الوضع الفلسطيني.
وفي السياق، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية علاء الحديدي أمس أنباء أشارت إلى استعداد مصر لتسلم مقار الأجهزة الأمنية في قطاع غزة كخطوة لإجراء وساطة بين حركتي «فتح» و«حماس».
كما نفت «حماس» توصلها إلى اتفاق مع مصر لتسليم المقار الأمنية إلى القاهرة لتقوم بدورها بتسليمها إلى السلطة الفلسطينية. وقال المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري «إن حركته لم يطرح عليها هذا العرض وأنه ليس له أساس من الصحة»، مشيراً إلى أن القاهرة «لا يمكن أن تضع نفسها طرفاً رئيسياً ومباشراً للخلاف بين حماس وفتح أو أن تتدخل في الشأن الفلسطيني».
وفي إطار الصراع الداخلي بين الحركتين، أطلقت القوة التنفيذية التابعة لحركة «حماس» في غزة أمس مدير العلاقات العامة في مجمع الشفاء الطبي الحكومي جمعة السقا، وهو من حركة «فتح»، بعدما كانت اعتقلته فجراً.
وكان نائب المتحدث باسم القوة التنفيذية صابر خليفة قد قال في وقت سابق إن «القوة اعتقلت السقا لارتكابه مخالفات جنائية وقانونية، والآن يجري التحقيق معه بشأن الموضوع وهو محتجز الآن لدينا». وأضاف خليفة إن «احتجازه تم بتوصيات من وزارة الصحة الفلسطينية من قبل باسم نعيم بعدما رفعوا لنا تقريراً... هناك مخالفات جنائية وقانونية، فقررت القوة التنفيذية اعتقاله لإساءته لمنصبه».
في المقابل، قالت «حماس» إن أحد عناصرها الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية جرى نقله من سجن جنيد في مدينة نابلس في الضفة الغربية إلى مستشفى إسرائيلي بعد تدهور حالته الصحية نتيجة «تعرضه للتعذيب الشديد».
وفي وقت لا يزال الفلسطينيون مشغولين بخلافاتهم، حذر نائب المفوض العام لـ«الاونروا» فليبو غراندي، من انهيار كامل للاقتصاد الفلسطيني خلال أسابيع، وتحوّل قطاع غزة إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية بنسبة مئة في المئة.
ووجه غراندي نداءً إلى متخذي القرارات السياسية في رام الله وإسرائيل وغزة بمراعاة نتائج قراراتهم على الأوضاع الإنسانية في القطاع، التي «تتدهور بصورة خطيرة لم يسبق لها مثيل».
وشدّد غراندي، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة غزة، على أن «غزة مهددة عملياً بأن تصبح مجتمعاً معتمداًً على المساعدات بنسبة 100 في المئة، مجتمعاً مغلقاً ومعزولاً في غضون أشهر، أو حتى أسابيع، إذا استمر النظام الحالي للإغلاقات». وأشار إلى أن «أفق الفرصة التي يمكننا من خلالها معالجة هذا الوضع الأكثر إلحاحاً، صغيرة وضيقة، كما أن هشاشة وعدم إمكان التنبؤ بالمساعدات، في هذا الوضع السياسي المعقد جداً والمتقلب، أمر خطير، وخصوصاً في ظل إمكان تعرض أولئك الذين نخدمهم للأذى».
ووصف غراندي ما يتعرض له القطاعان الصناعي والزراعي بأنه «كارثة»، مطالباً بفتح معبر المنطار التجاري (كارني)، بصورة فورية من دون تأخير والسماح بالاستيراد والتصدير وحركة الأفراد، وداعياً «السلطات الفلسطينية وإسرائيل إلى أن تتخذ خطوات فورية لفتح المعبر لحركة الصادرات والواردات، وكذلك للبضائع الإنسانية».
وفي الضفة الغربية، توغلت عشرات الآليات العسكرية الإسرائيلية في مدينتي جنين وقلقيلية وسط نيران كثيفة. واعتقل الاحتلال أمس 11 فلسطينياً خلال حملة دهم في قلقيلية ورام الله والخليل.
إلى ذلك، قال مسؤول مصري في معبر العوجة الحدودي بين مصر وإسرائيل إن عمليات نقل العالقين الفلسطينيين إلى قطاع غزة مروراً بإسرائيل انتهت أمس، وبقي في مصر عشرات فقط من الفلسطينيين توقعوا أن تقبض عليهم السلطات الإسرائيلية إذا مرّوا من المعبر.
ميدانياً، استشهد الفلسطيني محمد أبو شعر (24 عاماً) من سكان رفح برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة كسوفيم شرق دير البلح وسط قطاع غزة.