واشنطن ــ محمد سعيد
كشفت دراسة أميركية حديثة أن أحد السيناريوهات المطروحة لمستقبل العراق بعد انسحاب قوات الاحتلال عام 2010، يفترض ايجاد ديكتاتور قوي، يمتلك القدرة على توحيد البلد بكل طوائفه وأعراقه ويفرض الاستقرار فيه.
وقالت الدراسة، التى أصدرها مركز الشؤون الدولية في جامعة نيويورك يوم التاسع عشر من شهر تموز الماضي، إن «هذا السيناريو مطروح بقوة في واشنطن، لكن لا يزال المسؤولون الأميركيون يتجنّبون الحديث عنه علناً رغم أنه قد يكون الأفضل على المدى الطويل للمصالح الأميركية».
ويتلخّص السيناريو الثاني باحتواء الفوضى في العراق، والحيلولة دون انتشارها في المنطقة، عن طريق إقناع دول الجوار بأن انهيار بلاد الرافدين وحالة عدم الاستقرار سيؤديان إلى تهديد هذه الأنظمة.
وقالت الدراسة، التي صدرت بعنوان «العراق بعد عام 2010»، إن السيناريو الثالث يتمثّل في عراق غارق في فوضى حرب أهلية تطال آثارها دول الجوار عبر «طوفان» اللاجئين، وتنامي نفوذ الجماعات «الإرهابية» وتهديدها وتآمر الدول بعضها على بعض لتقوّض كل دولة استقرار الأخرى.
وأوضحت الدراسة، التي أشرف على إعدادها طاقم من الخبراء بإشراف مايكل أوبنهايمرم، أن «حالة العنف المذهبي دفعت بدول الجوار، فضلاً عن الولايات المتحدة، إلى قبول فكرة تنصيب زعيم عراقي ديكتاتور، يكون علمانياً قادراً على توحيد البلاد». وأشارت الدراسة كذلك إلى أن تجهيز الجيش العراقي، الذي يجب أن يكون «ممثّلاً لجميع أطياف الشعب»، بالمعدات العسكرية، أمر مهم «للتمهيد للانقلاب العسكري الذي سيأتي بهذا الزعيم» فور انسحاب الاحتلال العسكري.
وفي وقت تقول فيه الدراسة إنه من المبكر التنبؤ بشخصية هذا الزعيم، لا تستبعد أن يكون قائد خطة «فرض القانون»، الفريق عبود قنبر، الذي تراه واشنطن مرتبطاً برئيس الحكومة نوري المالكي. وتوقّعت الدراسة أن يلقى السيناريو الأول دعم إيران، إذا كان «الزعيم ـــــ الديكتاتور» شيعياً كما هي الحال مع الفريق قنبر. لكن في ما يتعلق بالسعودية، فإنها «أكثر دول الجوار التي تخشى من وجوده، رغم أنها سترحّب بوجود عراق مستقر إلى جوارها، ولكنها لن تطمئن أبداً إلى أن يكون موالياً لإيران، كذلك الحال بالنسبة إلى الأردن ومصر».
وترى الدراسة أن الحصول على «قبول إسرائيلي لهذا السيناريو أمر ضروري، وسيكون جزءاً من أي تحركات تجري في عملية تسوية الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، التي يُتوقّع أن تركّز عليها الإدارة الأميركية المقبلة التي ستخلف إدارة بوش الحالية».
وفي ما يتعلق بسيناريو «احتواء الفوضى»، فإن الدراسة تشير إلى أنه من الصعب أن يدوم، وقد يؤدّي في النهاية إلى احد السيناريوهات الأخرى. فالتحديات الخاصة بالعراق جوهرية، مثل الحيلولة دون تدخل تركي عسكري ضد حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق، أو منع التكفيريين السنّة من نقل قتالهم إلى خارج العراق ومنع صراع سني ـــــ شيعي في الدول المجاورة.
أما سيناريو «العراق الغارق في الفوضى»، فهو يعني أن «يتحوّل العراق إلى ميدان قتل بدلاً من أن يكون عنصراً سياسياً أو عسكرياً قابلاً للحياة. وهذا السيناريو لن يكون على المدى الطويل في مصلحة أي من الأطراف الإقليمية أو الدولية، وهو الأمر الذي قد يدفع إلى اللجوء إلى البديل المتمثل في سيناريو الزعيم الديكتاتور».
وتضيف الدراسة أن ما يرجّح حصول هذا السيناريو، يعود إلى عدد من العوامل، مثل المجموعات الجهادية والانقسام السني ـــــ الشيعي الحاد الذي يُعمَّم إقليمياً. كذلك لدى إيران ماضٍ في الهيمنة الذي تأمل بسطه في المستقبل، فيما لا تشعر الأنظمة العربية بأنها آمنة، وغالباً لا تحظى بتأييد شعبي.