موقع «دبكا» الإسرائيلي الإخباري على الانترنت معروف بكونه من مواقع الإثارة والتهويل. غير أنّ هذا الصيت لم يمنع الولايات المتحدة من أخذ تحذيره الأخير بشأن إمكان تعرّضها لـ«اعتداء إرهابي» ينفّذه تنظيم «القاعدة» على محمل الجد ووضع شرطة نيويورك في حالة استنفار.فقد أعلنت الشرطة الأميركية أوّل من أمس تشديد الإجراءات الأمنية في مانهاتن ونشر أجهزة رصد المواد المشعة عند مشارف الجسور والأنفاق بعدما أورد الموقع المذكور، المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية، أنّ إسلاميين يخططون لتنفيذ اعتداء بواسطة موادّ مشعة، وأضاف لاحقاً أنّ رسالة أخرى لـ«القاعدة» ذكرت مدينتي لوس انجليس وميامي بصفتهما هدفين.
وفي بداية الأمر، قالت الشرطة إنّ الإجراءات الأمنية المشدّدة جاءت استجابة لـ«تهديدات بهجوم بقنبلة مشعة» مساء الجمعة الماضي، قرب شارع 34، حيث يجتذب مبنى «إمباير ستايت» وحديقة «ماديسون سكوير غاردن» ومتجر «ميسي» السيّاح والمسافرين.
وفي ظلّ استمرار الإجراءات أوّل من أمس عند نقاط المرور من مانهاتن وإليها، بما في ذلك نفق هولاند الذي يربط مانهاتن السفلى ونيوجيرزي، أوضح نائب مفوّض الشرطة بول براوني، أنّ المعلومات التي حصلت عليها الشرطة لا تقتصر على هذا الحي، فيما أشار رئيس بلديّة نيويورك مايكل بلومبرغ، في بيان، إلى أنّ «هذه الإجراءات مثل تلك التي تتخذها إدارة الشرطة يومياً للوقاية من أيّ تهديد محتمل لكنه غير مؤكد، والذي لا يسفر عن شيء أبداً».
وعلى الرغم من افتقار موقع «دبكا» إلى الصدقية بنظر الخبراء لاتّسام أنبائه عامّة بالتهويل، فإنّه يلقى إقبالاً كبيراً بين روّاد الانترنت، بحسب المشرف عليه غيورا شاميس، الذي يحرّر أخباره الإنكليزيّة والعبرية مع زوجته دايان شاليم في القدس المحتلّة.
وفي إطار الدفاع عن «صدقيّته»، يشير شاميس، الذي ادعى أنّ عدد زوار «دبكا» تخطّى مليون زائر في الولايات المتّحدة فقط أمس، إلى أنّه توقّع وزوجته الهجمات الإرهابيّة على برجي مركز التجارة العالميّين في نيويورك في عام 2001، بعد أسابيع من إنشاء الموقع «المتخصّص» في قضايا الأمن والأنشطة «الإرهابيّة» والشؤون العسكريّة في الشرق الأوسط في عام 2000.
ورغم أنّ الإنذار الذي أطلقه «كاذب»، فقد أصرّ شاميس على دعم خبر موقعه، مشدداً على أنّ الناس سيندمون على شكوكهم التي أبدوها. وقال، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس»، «لدينا بين 4 و5 أشخاص يراقبون على مدى 24 ساعة خلال اليوم منشورات القاعدة»، موضحاً، في إشارة إلى البلبلة الأخيرة التي أثارها، «نحن نرى أنّ هذه القصّة روتينيّة».
وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العامّة الإسرائيليّة، ردّ شاميس على الانتقادات بوصفها «مجرّد نميمة»، مؤكّداً أنّ موقعه كان الوحيد الذي «كشف فشل الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على لبنان فيما كانت الصحافة الإسرائيلية تتستّر عليه».
وفي السياق، انتقدت صحيفة «معاريف» بشدّة «الاستخفاف غير المقبول الذي تبديه بعض وسائل الإعلام حيال مسائل أمنية». وكتبت ساخرةً «أيّ مستخدم للانترنت مواظب على مواقع مثل «دبكا» كان عليه أن يختبئ منذ وقت طويل في موقع محصّن ضدّ الغازات والإشعاعات مجهزاً بقناع واق».
ويلفت الصحافي الاستقصائي المتخصّص في شؤون الاستخبارات في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين برغمان، إلى أنّه لا أحد من المسؤولين الإسرائيليّن يرى في هذا الموقع «مصدراً أهلاً للثقة»، ويشدّد على أنّ «دبكا» وظيفته الترويج لـ «نبوءات يوم الآخرة» التي يصعب تأكيدها أو نفيها.
تجدر الإشارة إلى أنّ البيت الأبيض هوّن في الخريف الماضي من تصريحات لوزير الأمن الداخلي الأميركي مايكل تشيرتوف نشرت في صحيفة «شيكاغو تريبيون» أعرب فيها عن «إحساس» بأن الولايات المتحدة ستواجه في الصيف الجاري خطراً كبيراً. إلّا أنّ تهويلات «دبكا» التي حذّرت من «شاحنات محمّلة بمواد مشعة ضدّ كبرى المدن الاميركية ومركزها المالي» في إشارة إلى نيويورك وحيّ مانهاتن، لاقت صدى في دوائر الأمن الأميركي الذي رفع درجة الخطر إلى «البرتقالي».
(أ ب، رويترز، أ ف ب)