رام الله ــ سامي سعيد
ساعة الصفر إعلان عباس إجراء انتخابات مبكرة والتنفيذ الفعلي عند بدء تطبيقها في الضفة من دون تنسيق مع الحركة


مع انسداد الأفق أمام أي حوار فلسطيني داخلي، يبدو أن صراع الشرعية بين الرئيس محمود عباس وحركة «حماس» سيبلغ أشده، إذا ما أصرت الرئاسة الفلسطينية على المضي في خيار الانتخابات المبكرة.
ويبدو أن «حماس» تسعى، في هذه المرحلة، إلى أخذ زمام المبادرة في صراع فرض الشرعيات مع عباس وحركة «فتح»، بعدما تأكّد لها أن أبو مازن مستمر في طريقه لاتخاذ إجراءات أحادية الجانب تستهدف في مجملها عزلها والتضييق عليها.
وأكدت مصادر رفيعة المستوى في «حماس»، لـ«الأخبار»، أن قراراً بالإعداد لاستقلال قطاع غزة بشكل كامل عن سلطة عباس قد اتخذ من قبل قيادة الحركة، وأن إجراءات عملية بدأت تتبلور على أرض الواقع لتصبح «حماس» مسيطرة بشكل كامل على كل الشؤون الإدارية والأمنية والاقتصادية للقطاع.
وقالت المصادر، التي اشترطت ألا يذكر اسمها، إن ساعة الصفر لبدء الانفصال الحقيقي ستكون إعلان عباس إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وسيصل هذا ذروته إذا ما قام عباس فعلاً بتنظيم هذه الانتخابات في الضفة الغربية من دون التنسيق مع «حماس».
وأشارت المصادر الرفيعة إلى أن أحد أهم مرتكزات هذا الإعداد ترتيب الأجهزة الأمنية في القطاع من جديد وضخ خمسة آلاف جندي إلى جهاز الشرطة للتغلب على نقص العدد الناتج عن امتناع أفراد الأجهزة الأمنية عن العمل بعد سيطرة «حماس» على مقارها.
وشدّدت المصادر على أن «حماس» بدأت فعلياً بإنشاء جهاز أمني في القطاع يكون بمثابة جهاز الأمن الداخلي المسؤول عن المتابعة المخابراتية للقضايا الأمنية، فيما سيبدأ هذا الجهاز العمل خلال الأسابيع المقبلة.
ويضم هذا الجهاز عدداً من المهنيين والمختصين وأفراداً من الأجهزة الأمنية أعلنوا ولاءهم لحركة «حماس».
وفي الجانب الاقتصادي، أشارت المصادر إلى أن «حماس» وضعت خطة طموحة لتطوير موارد الحكومة من الضرائب حتى يتسنى لها توفير ميزانية للإنفاق على نشاطاتها المستقبلية والحالية في القطاع. وأوضحت أن وزارات قطاع غزة التي تسيطر عليها «حماس» تعمل بثلث ميزانيتها المفترضة لها في محاولة لتقليص الإنفاق لأكبر قدر ممكن.
كما ستقوم «حماس» باستغلال أراضي المستوطنات المحررة وتحويلها إلى مزارع يتم تأجيرها للمواطنين بأسعار زهيدة، بالإضافة إلى خطة لتشجيع الشركات على زيادة استثماراتها في مقابل تخفيضات وإعفاءات ضريبية، إلى جانب استعادة العديد من الأراضي الحكومية التي لها قيمة عالية جداً من مسؤولين سابقين في السلطة وضعوا أيديهم عليها أيام حكم حركة «فتح».
وفي الجانب القانوني والقضائي، بدأت حكومة هنية بتوظيف وكلاء نيابة جدد بدلاء عن وكلاء النيابة السابقين الذين يرفضون التعامل مع القوة التنفيذية، وهو ما اعتبر نواة لتشكيل جهاز قضائي متكامل مستقل عن الجهاز القضائي الحالي.
وتترافق هذه الاستعدادات مع مجهودات كبيرة تقوم بها حركة «حماس» لحلحلة ملف الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط وإتمام صفقة تبادل للأسرى بوساطة مصرية تشمل تسهيلات كبيرة على الحركة في المعابر الحدودية المحيطة في قطاع غزة، وخصوصاً معبر رفح الحدودي.
وشدّد مسؤول رفيع المستوى في «حماس»، لـ«الأخبار»، على أن حركته لا تتمنى أن يحصل ذلك، لكنها لن تتوانى عن فعل ما هو صحيح لوقف استحواذ الرئيس عباس ولوقف ما تسميه فرض الأمر الواقع على سكان القطاع.
وقال المسؤول، الذي اشترط ألا يذكر اسمه، «كل ما سنفعله يتحمل مسؤوليته أبو مازن الذي يرفض الحوار معنا ويستجديه مع العدو الإسرائيلي وأولمرت»، داعياً عباس إلى «العودة إلى أحضان شعبه وعدم الارتماء في أحضان العدو».
إلى ذلك (د ب أ)، قال النائب عن «حماس» يحيى موسى «إن عباس لا يمتلك أن يجري انتخابات تشريعية مبكرة في مناطق السلطة الوطنية، إلا عبر دبابة الميركافا
الإسرائيلية وقوة المحتل».
ونقلت الشبكة الإعلامية الفلسطينية عن موسى قوله إنه لا يمكن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة إلا بالتوافق الوطني ووفق الدستور الفلسطيني الذي لا يسمح بانتخابات إلا بعد كل أربع سنوات من موعدها بشكل دوري. وأوضح أنه «إذا كان الخيار لإجراء انتخابات في غزة هو الاستقواء بالدبابة الإسرائيلية، ففي هذه الحالة لا علاج إلا أن يقاوم شعبنا الاحتلال الجديد الذي يريد أن يأتي بهؤلاء إلى غزة بالقوة».
وأشار موسى إلى أنه «لا يمكن لأي إنسان أن تكون له مكانة في وطنه إذا كان متحالفاً مع الاحتلال»، وأن «الشعب هو الذي ينتصر وهو الذي يقرر قواعد اللعبة».