رام الله ــ سامي سعيد
ليفني تقترح «أفقاً اقتصادياً» للدولة الفلسطينية... واتفاق على «ممرّ السلام» في أريحا


كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس عن محادثات سرية يجريها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت تتناول قضايا الحل الدائم من أجل التوصل إلى «اتفاق مبادئ» يمكن عرضه في «مؤتمر السلام» الدولي، الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش، في وقت قدمت فيه وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني مشروعاً لـ«أفق اقتصادي» للدولة الفلسطينية الموعودة، وذلك بعد الاتفاق على إقامة منطقة صناعية زراعية في أريحا في الضفة الغربية.
وبحسب «يديعوت»، فإن «اولمرت يرغب في أن يدخل التاريخ بصفته رئيس وزراء السلام لا رئيس وزراء الحرب، هدفه هو اجمالي مبادئ التسوية الدائمة مع الفلسطينيين في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر».
وقالت الصحيفة «إن الرجلين اللذين يلتقيان بانتظام في الفترة الاخيرة تحت ضغط أميركي، قررا استغلال الساعات المشتركة للقيام بالعمل، وسارعا مباشرة إلى المياه العميقة، والبحث الجدي في مسائل الخلاف المركزي: القدس واللاجئون والحدود الدائمة».
وأضافت الصحيفة أن «الوثيقة، التي سيبلورها الزعيمان، يعتزمان عرضها على المشاركين في المؤتمر الدولي حول الشرق الاوسط المقرر في شهر تشرين الثاني. ويكون المشاركون مطالبين بالمصادقة على المبادئ وتوفير ريح إسناد لمسيرة سلمية جدية».
وقالت الصحيفة إن «المحادثات التي يجريها اولمرت وأبو مازن في الاشهر الاخيرة تعقد ثنائياً، في ظل ستار من السرية والحرص على عدم تسرب أي شيء إلى الخارج. ومع ذلك، كان يمكن أن نفهم من محافل في محيط ابو مازن، أن هذه محادثات جدية ومحاولة من الرجلين للتصدي بصدق وشجاعة للمسائل الاكثر أساسية التي يتألف منها النزاع الاسرائيلي ـــــ الفلسطيني».
وكشفت الصحيفة أن أولمرت أبلغ وفداً من مندوبي مجلس النواب الاميركي، برئاسة زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس النواب ستني هوير، بأنه منذ بضعة أشهر وهو يبحث مع ابو مازن في المسائل الجوهرية للمواجهة، بنيّة الوصول الى «مبادئ متفق عليها في المواضيع الأساس التي ستؤدي الى اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل: الحدود والقدس واللاجئون وتبادل الاراضي، والممر بين الضفة وقطاع غزة وجوهر العلاقات بين اسرائيل والدولة الفلسطينية».
وكشف أولمرت لمحادثيه الأميركيين، بحسب المصدر نفسه، عن أن «الرجلين سيبذلان جهداً لصوغ مبادئ التسوية الدائمة قبل انعقاد المؤتمر الدولي. واعترف بأن التفاهمات التي ستتحقق لن تطبق على الفور. لكنه اشار الى أنه يقدّر أن ابو مازن يمكنه أن يطرح مبادئ الاتفاق في استفتاء شعبي على الجمهور الفلسطيني».
وبالنسبة لـ «حماس»، أوصى أولمرت الرئيس الفلسطيني «بالإبقاء على حماس خارج اللعبة، باعتبارها عدو السلام، ولن نتعاون معها».
وبالتزامن مع الحديث عن اتفاق مبادئ بين اسرائيل والفلسطينيين، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن ليفني تعكف على بحث خطة متممة، تعنى بالجانب الاقتصادي للدولة الفلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن محافل سياسية في القدس المحتلة إشارتها الى أن الحديث يدور حول «خطة لأفق اقتصادي»، تُصاغ في إطارها مبادئ اقتصادية وتعدّ قائمة مشاريع واسعة النطاق وثرية بالاستثمار المالي لليوم الذي تقام فيه الدولة الفلسطينية، على أن تعرض هذه الخطة على الفلسطينيين «الواقع الاقتصادي» الذي يمكن أن يكون حين تقوم دولة فلسطينية.
وبحسب الخطة، ستبلور إسرائيل «اتفاق مبادئ» سياسياً بينما تعطي الاسرة الدولية «أفقاً اقتصادياً». وفي اطار الخطة، تُعدّ مع الاسرة الدولية قائمة بمشاريع اقتصادية «استراتيجية» واسعة النطاق تطبق مع قيام الدولة الفلسطينية. والمشاريع التي اقترحتها اسرائيل حتى الآن تعنى أساساً بإقامة بنى تحتية للمياه والكهرباء، وتخطيط مدن في الضفة والقطاع، وإعادة بناء شبكة المجاري وإقامة «ممر السلام» في أريحا.
وأشارت الصحيفة الى أن ليفني تتابع الخطة بنشاط، وعرضتها على بعض نظرائها في اوروبا، مطالبة بأن تتجند الأسرة الدولية لها. ورأت أن نشاط مبعوث الرباعية للشرق الاوسط طوني بلير، يندمج هو الآخر في خطة الأفق الاقتصادي مع التشديد على بناء مؤسسات السلطة.
وفي السياق، ذكرت «هآرتس» أن لقاء ليفني ووزيري الخارجية الأردني عبد الإله الخطيب والياباني تيرو آسو ومسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات، عُني بتدشين مشروع «ممر السلام»، الذي سيُدمج في خطة «الأفق الاقتصادي» كأحد الحجارة الأساس.
وكانت إسرائيل واليابان والأردن والسلطة الفلسطينية قد اتفقت أول من أمس على إقامة منطقة صناعية زراعية باسم «وادي السلام». وألّفت هذه الأطراف لجنة مشتركة لتنفيذ هذه المبادرة، ووافقت في اجتماع رباعي عقد في مدينة أريحا في الضفة الغربية على وضع جدول زمني لإقامة المشروع الذي تموله اليابان، والذي سيقام قرب أريحا جنباً إلى جنب مع مطار صغير يستخدم لتصدير المنتجات الفلسطينية إلى الأردن، والذي سيكون القناة الرئيسية لتوصيل منتجات الضفة الغربية إلى العالم الخارجي.
وقال آسو إن «هذا المشروع سيسهم في إيجاد وظائف للفلسطينيين وإنعاش الاقتصاد وبناء علاقة ثقة مع اسرائيل وعلاقة صداقة بين الاطراف المعنيين بعملية السلام». وأضاف «لقيام دولة فلسطينية، يجب أن تكون لديها قدرة اقتصادية قابلة للاستمرار، ونحن نقدم مبادرة ممر الى السلام وسيلةً لتحقيق هذه الاستمرارية».
كذلك طلب وزير الخارجية الياباني من نظيرته الاسرائيلية خفض عدد الحواجز في الضفة الغربية وتفكيك المستوطنات العشوائية فيها.
وكان آسو قد أعلن، قبيل مشاركته في اجتماع أريحا، أن بلاده ستقدم 20 مليون دولار مساعدات «عاجلة» للفلسطينيين. وقال، أثناء لقائه رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض، «سيتم تقسيم الـ20 مليون دولار إلى 11 مليوناً مساعدات مباشرة للسلطة الفلسطينية و9 ملايين توزع عن طريق الأمم المتحدة مساعدات إنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «الرأي» الاردنية أمس أن الخطيب رفض استبدال السيارة الاردنية التي اقلته من عمان باتجاه مدينة اريحا بسيارة إسرائيلية. واستمر الجدل اكثر من 25 دقيقة قبل أن يكمل الخطيب رحلته الى مقر الاجتماع وفق الترتيبات الاردنية المعدّة.