strong>محمد بدير
{خطر استراتيجي} يتهدّد إسرائيل و{الرهان على عبّاس} لم يعد ناجعاً

منذ سيطرة «حماس» على قطاع غزة والأوساط الإسرائيلية مشغولة بكيفية التصدي للواقع المستجد هناك؟ إذ لم يعد التخبط الإسرائيلي مقتصراً على كيفية معالجة معضلة صواريخ «القسام» والعمليات الأخرى التي تُشن انطلاقاً من القطاع، بل اتسع ليجد نفسه في مواجهة «خطر استراتيجي» يتربص بإسرائيل على المدى البعيد منشؤه وجود كيان إسلامي مدعوم من ايران بمحاذاتها.
وتطرقت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إلى بعض معالم التخبط الذي يسود المؤسسة الأمنية في إسرائيل لجهة التعامل مع هذا الخطر المتنامي، فخلصت إلى فشل السياسة الإسرائيلية المتبعة في مواجهة «حماستان» في القطاع. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه السياسة تقوم على أساس مقاطعة حكومة «حماس» وعزلها على الحلبة الفلسطينية والعربية والدولية، بموازاة اتخاذ خطوات تعزز مكانة كلّ من رئيس السلطة الفسلطينية، محمود عباس، وحركة «فتح» وثتبيت سيطرتهما في الضفة الغربية. بيد أن «السياسة التي تبلورت في تل أبيب وواشنطن بالتعاون مع القاهرة وعمان، لم تفضِ إلى النتائج المتوخاة منها، إذ تبين أنها تصب في مصلحة «حماس»، خاصة أن الأخيرة أثبتت قدرة عالية على ضبط الوضع الأمني في غزة وتمكنت من تجيير الحصار الاقتصادي لمصلحتها حيث تحوّلت جمعياتها الخيرية، الممولة من إيران، إلى مصدر مساعدات رئيسي للناس يسهم في استقطابهم». أما الحصار السياسي «فقد بدأ يضعف، بدليل الوثيقة الجديدة التي أصدرتها لجنة الخارجية في البرلمان البريطاني والكلام المشابه الصادر عن رئيس الحكومة الايطالية».
وفي ظل تقديرات الوضع التي أجرتها الجهات المختصة في المؤسسة الأمنية أخيراً وأفضت، من جهة، إلى استنتاج مفاده أن سيطرة «حماس» على القطاع تتعزز يوماً بعد يوم، ومن جهة أخرى، إلى عدم إمكان الرهان على عباس لحل المشكلة، أثارت «يديعوت» الخيارات النظرية المتاحة أمام إسرائيل لمواجهة هذه المعضلة المتنامية في استعصائها بفعل «التنامي المستمر لقوة حماس بمساعدة إيران».
ورأى محلل الشؤون الأمنية في الصحيفة، رون بن يشاي، أن أمام إسرائيل أربعة خيارات للتعاطي مع معضلة «حماستان»، جميعها إشكالية وكل واحد فيها أسوأ من الآخر. وهذه الخيارات هي:
أولاً، السعي إلى إسقاط سلطة «حماس» في غزة بواسطة الحصار الاقتصادي والسياسي وعبر الضغط العسكري المتواصل. لكن المشكلة تكمن، بحسب بن يشاي، في أنه من الواضح أن هذا الأمر لن يعطي ثماراً على المدى القريب، وليس ما يضمن إعطاءه ثماراً على المدى البعيد.
ثانياً، أن توافق اسرائيل بصمت على قيام محافل دولية وفلسطينية ـــــ الاتحاد الأوروبي مثلاً ـــــ وكذلك أبو مازن، بإجراء اتصالات مع «حماس»، على أن يكون الهدف منها في المرحلة الأولى تشغيل المعابر وتخفيف الضغط الاقتصادي عن القطاع، ولاحقاً، الضغط على «حماس» لتخفيف حدة مواقفها. لكن الخطورة تكمن في أن ترى «حماس» هذا الأمر، بعد إنقاذها من العزلة الدولية، علامة على نجاح سياستها، وبالتالي تمتنع عن تغيير مواقفها الجوهرية وتواصل تعزيز قوتها العسكرية، وتبتزّ تنازلات إضافية وتستخدمها لتقويض مكانة «فتح» في الضفة.
ثالثاً، التوصل الى تسوية مع «حماس» تُسلم إسرائيل بموجبها بحكم الأمر الواقع المتمثل بسيطرة هذه الحركة على قطاع غزة، وتفتح حواراً مباشراً معها على مستوى الموظفين والضباط الصغار على الأرض، وتتيح لأبو مازن أيضاً فعل ذلك. في المقابل، تطلب اسرائيل وتحصل على هدنة طويلة المدى، تضمن سنوات من الهدوء لمستوطنات النقب الغربي. كل ذلك على أمل أن تُخفف «حماس» من حدة مواقفها مع مرور الوقت كما فعلت «فتح» سابقاً برئاسة ياسر عرفات. لكن هذا الخيار اشكالي أيضاً لأنه ليس هناك ما يضمن أن «حماس» تريد وتستطيع فرض الهدنة، ولأنها ستطلب وقف ملاحقة ناشطيها في الضفة، الأمر الذي سيتيح لها تعزيز قوتها السياسية والعسكرية هناك.
رابعاً، وهو الخيار الذي يبدو أنه الطريقة الوحيدة للتخلص من «حماس» في القطاع، فهو قيام الجيش الإسرائيلي بشن حملة عسكرية واسعة يحتل خلالها أجزاء من أراضي القطاع من جهة، ويعمل على تشييد عائق مائي لسد الأنفاق في محور فيلادلفي. وفي نهاية هذه الحملة يُنقل القطاع الى سيطرة مشتركة من أبو مازن وقوة دولية.