strong>تواصلت تفاعلات الأزمة العلنية السورية ـ السعودية، وباتت مفتوحة لأكثر من طرف، بينها النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام، إضافة إلى فصائل فلسطينية، في ظل محاولة من دمشق للتخفيف من حدتها عبر نفي تعرّض نائب الرئيس فاروق الشرع للرياض بـ«كلمات نابية»
أعربت دمشق أول من أمس عن أسفها لبيان الرد السعودي على تصريحات نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، مشيرة إلى أن «تصريحاته حرِّفَت وأن ما جاء في البيان السعودي عن تفوهه بكلمات نابية عن المملكة لا أساس له من الصحة».
وشدّد مصدر سوري مسؤول، في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا»، على أن «سوريا حريصة على التزام أفضل العلاقات مع القيادة والشعب السعوديين والعمل على رأب الصدع في العلاقات العربية ـــــ العربية وتفعيلها في مواجهة التحديات الخطيرة التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها».
وأشار المصدر إلى «أنه لا يخفى على أحد أن سوريا تحمّلت الكثير بسبب هذا الالتزام العربي وتمسكها بقوة بضرورة تنفيذه، الأمر الذي رتب عليها أعباءً كبيرة وعرّضها لحملات إعلامية وسياسية، وخصوصاً بعد احتلال العراق وتداعياته الكارثية». وذكر أن سوريا «تحمّلت مسؤولية العبء الأكبر باستقبالها ما لا يقل عن مليون ونصف مليون مهجّر عراقي من دون شكوى أو مساعدة تذكر من أي جهة كانت».
وقال البيان السوري إن دمشق «تسهم باستمرار في الجهود المضنية وغير المعلنة لتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية المختلفة». وأعرب عن الاعتقاد بأن «هذه الجهود مهمة، سواء مهدت لاتفاقات مكة أو أنها أدت إلى حل أي إشكال فلسطيني ـــــ فلسطيني». وحمّل «الموقف العدائي الأميركي الإسرائيلي (مسؤولية) عدم استمرار التفاهم الفلسطيني الفلسطيني»، واصفاً اتفاق مكة بأنه «مهم».
وكرر المصدر أن سوريا والسعودية «تبقيان دوماً مع أي لقاء يهدف إلى إحياء التضامن العربي وتعزيزه لما في ذلك من مصلحة وطنية وقومية للبلدين الشقيقين وللأمة العربية والإسلامية جمعاء»، مشدداً على «إصرار سوريا على عدم الانجرار إلى سجالات لا تخدم سوى أعداء البلدين الشقيقين وأعداء الأمة العربية».
أما خدام ففسّر من جهته «الحملة السورية على السعودية لإنهاء الحاجز أمام الهيمنة الإيرانية»، مشيراً إلى أن تصريحات الشرع «جزء من سياسة تهدف إلى قطع روابط دمشق مع العرب».
وقال خدام لصحيفة «الوطن» السعودية «إن فاروق الشرع ينطق باسم سيده»، مشيراً إلى أن «الحملة بدأت بتصريحات (للرئيس السوري) بشار الأسد ضد القادة العرب وتتابعت بصورة مركزة ضد المملكة العربية السعودية عبر تصريحات الشرع المتعددة وآخرين وعبر وسائل الإعلام السورية وعملاء المخابرات السورية في لبنان».
وأضاف خدام: «إن تصريحات الشرع مدانة من الشعب السوري الذي تربطه بالمملكة العربية السعودية وبقيادتها علاقات تاريخية وثيقة»، مشيراً إلى أن «الشعب السوري بأصالته وقيمه يرفض بصورة قاطعة هذه الحملات المشبوهة على المملكة العربية السعودية التي تخدم المتربصين بالأمة العربية».
ورأى خدّام أن استهداف السعودية «مرتبط بالاستراتيجية الإقليمية لإيران، ودور النظام السوري في هذه الاستراتيجية يتحدّد بشن حملة على المملكة وعلى قادتها باعتبار أن المملكة بحكم موقعها العربي والدولي تشكل أحد الحواجز الرئيسية في وجه هيمنة المصالح الإيرانية على المنطقة».
وفي رام الله، أعرب مسؤولون فلسطينيون عن استيائهم من استخدام الشرع اسمهم في «مزايداته» على السعودية. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه: «نحن لا نقبل التهجمات، ولا نقبل تحويل الموضوع الفلسطيني إلى ورقة مزايدة سياسية للتهجم على السياسة السعودية». ورأى أنه «جرى فتح هذه الجبهة الكلامية ضد السعودية لأن سوريا لا تريد أن ترى دوراً فعالاً للمملكة في حل الأزمة اللبنانية والتوصل إلى تفاهم قبيل الانتخابات الرئاسية».
وفي السياق، شنت الصحف السعودية أول من أمس هجوماً عنيفاً على الشرع، مشيرة إلى أن تصريحاته «تنزع إلى بث روح العداء والفرقة بين شعبين شقيقين». كما غمزت من قناة إيران، مشيرة إلى أن «الشرع وحكومته لا يدركان مغبة ما يجران الشعب السوري إليه».
(سانا، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)