strong>سيطر الحديث عن دور موسّع للأمم المتحدة في العراق على لقاءات وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في بغداد، بينما كانت المطالب العراقية منه توظيف فرنسا لعلاقاتها الاقليمية مع دول الجوار من أجل تحسين الأوضاع العراقية. أمّا الزعيم مقتدى الصدر، فبعث برسائل ايجابية تجاه أي دور دولي، متوقّعاً تخلّياً أميركياً عن المالكي
بدأت الأهداف التي جاء من أجلها رئيس الدبلوماسية الفرنسية برنار كوشنير الى العراق تتضّح، بعد لقاءاته معظم مسؤولي «الصف الأوّل»، بدءاً من الرئيس جلال الطالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ورئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني ووزير الخارجية هوشيار زيباري.
وكشف كوشنير عن نية إدارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عقد مؤتمر دولي كبير بشأن العراق «لأنّه ظهر أن لا حل عسكرياً في هذه البلاد». وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع الطالباني أمس، إن «فرنسا تريد أن نستمع لكل الطوائف العراقية لمعرفة ماذا يحصل هنا قبل أن تحدّد طبيعة الدور الذي ستؤديه في البلاد، لأن الصورة التي تصل إلى الحكومة الفرنسية عن العراق سيئة جداً». وأضاف أن «جزءاً من سلام العراق يكون عن طريق الامم المتحدة، وفرنسا هي عضو في مجلس الامن الدولي، وسيكون موقفنا داعماً للملف العراقي في المجلس»، مجدّداً دعم بلاده للقرار 1770 بشأن توسيع دور المنظّمة الدولية سياسياً وإنمائياً.
وأقر كوشنير بوجود تباعد بين الرؤيتين الاميركية والفرنسية للملف العراقي، وأعاد التذكير بأن بلاده وقفت ضدّ غزو عام 2003، لكنه قال «إن هذه الصفحة باتت خلفنا، وعلينا الآن أن ننظر إلى المستقبل».
أما الطالباني فاتفق من جهته مع ضيفه الفرنسي على الدور الدولي الموسّع. وقال «نحن نرغب بتعزيز دور الامم المتحدة، ووزير الخارجية (هوشيار) زيباري يعمل على هذا الدور لأنه يفيدنا كثيراً».
ودافع الطالباني عن شرعية وجود القوات الاميركية والبريطانية في العراق قائلاً «إن القوات الاجنبية موجودة بقرار من الأمم المتحدة وقرارات مجلس الامن هي التي تحكم وجود هذه القوات وهي تتصرّف بموافقة الحكومة العراقية وبالتعاون مع الامم المتحدة».
وكان المالكي قد استقبل كوشنير في وقت متأخّر أول من أمس قبل توجّه الأول الى دمشق، داعياً فرنسا إلى «دعم جهود حكومته في تحقيق الامن والاستقرار من خلال توظيف علاقاتها الاقليمية الايجابية مع دول الجوار وثقلها الدولي».
ووصفت الاوساط السياسية زيارة كوشنير بأنها تغيير جذري لسياسة الرئيس السابق جاك شيراك، وأنها بداية لتنفيذ القرار 1770، ومحاولة فرنسية لوضع موطئ قدم في الشرق الاوسط من خلال العراق، مستفيدة من الإخفاق الأميركي في بلاد الرافدين. كذلك علّق عدد من المحلّلين على أهمية العراق بالنسبة لفرنسا، خصوصاً اقتصادياً، «من خلال الحصول على عقود كبيرة للاستثمارات».
من جهة أخرى، وعد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في مقابلة نشرتها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أمس، بمساعدة الامم المتحدة إذا حلّت محل قوات الاحتلال الاميركية والبريطانية في العراق، لكنّه حذّرها من أنها «يجب ألا تكون مجرّد وجه آخر للاحتلال».
ورأى الصدر، في حديث أجراه مع الصحيفة من مقره في الكوفة قرب النجف جنوب بغداد، رغم تأكيدات أميركية بأنه في ايران، أن انسحاب الجيش البريطاني من العراق سيكون علامةّ على تقهقره وانهزامه، مؤكداً أن البريطانيين «يتراجعون بسبب المقاومة التي قوبلوا بها ولولا ذلك لاستمرّوا هناك وقتاً طويلاً». وقال إن البريطانيين «اتخذوا أعداء من كل المسلمين، فعليهم الآن مواجهة الهجمات في عقر دارهم بسبب حربهم على العراق».
ونفى الصدر الاتهامات الاميركية بشأن تلقّي عناصر ميليشيا جيش المهدي، الجناح العسكري للتيار الصدري، الأسلحة والتمويل من ايران. كذلك هاجم المالكي واصفاً إياه بأنه «أداة بيد الأميركيين» الذين توقّع أن يقوموا بتغييره «لأنهم أدركوا أنه فشل». وشدد على أن حكومة العراق «لن تعيش لأن المالكي أثبت أنه لن يعمل مع العناصر المهمة في الشعب العراقي».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي)