ظهر جلياً أمس، أنّ أهداف الزيارة الرسمية الأولى من نوعها لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي إلى دمشق، ستكون مختلفة بين الطرفين السوري والعراقي. المصادر العراقية المتابعة للزيارة تركّز على ضرورة أن يكون جدول الأعمال أمنياً، في ما يختصّ بالحدود السورية ـــــ العراقية في الأساس. أما سوريا فتبدو مصرّة على موقفها من الملف الأمني، باعتباره مسؤولية جيش الاحتلال الأميركي، وأن الموضوع الأوّل يجب أن يتركّز على أوضاع اللاجئين العراقيين فيها، الذين يبلغ عددهم نحو مليونين، وتقول دمشق إنها تتكبّد بسببهم تكاليف مالية كبيرة، إلى جانب اتفاقات اقتصادية بين البلدين.وقال النائب عن «الائتلاف العراقي الموحّد» مؤيد العبيدي المقرّب من المالكي، أمس، إن «أهم هاجس يفكر به المالكي في زيارته إلى سوريا هو الملف الأمني وضبط الحدود، إذ تشير التقارير إلى أن أغلب المسلّحين من عناصر القاعدة يتسلّلون عبر الحدود السورية».
وأضاف أنّ على المالكي أن يبعث برسائل وتطمينات إلى الجانب السوري مفادها أن «العملية الديموقراطية (في العراق) لن تؤثّر على النظام السوري»، مشيراً إلى أنّ دمشق «تخشى من تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، وعلينا تطمينها إلى أن هذا الأمر لن يحصل».
وذكر مسؤول عراقي أن المالكي سيحثّ الرئيس السوري بشار الأسد اليوم، على اتخاذ إجراءات للتصدي لما يقول إنه تدفق للمقاتلين والأسلحة عبر الحدود.
أمّا وزير الداخلية العراقي المرافق للمالكي في الزيارة، جواد البولاني، فقال لوكالة «أسوشييتد برس» أمس، إنّ أحد المطالب العراقية سيتركّز على تسليم دمشق بغداد ضبّاط النظام السابق الذين لا يزالون يعيشون في سوريا.
في المقابل، قال نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس، إن «الاجتماعات بين الوفد العراقي الموسّع والقيادة في دمشق، ستتركّز أساساً على العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية». وعن مسألة ضبط الحدود بين البلدين، قال الدردري: «سيكون موضوع أمن الحدود على هامش الاجتماعات، وهو أمن مشترك يهمّنا نحن الطرفين، لأنه لا يمكن الحديث عن أمن في اتجاه واحد»، مذكّراً باستضافة دمشق اجتماع التنسيق الأمني بين الدول المجاورة للعراق خلال الأسبوع الماضي.
وعشية اجتماعه مع الأسد ونائبه فاروق الشرع اليوم، التقى المالكي، الذي عاش منذ عام 1990 حتى عام 2003 في سوريا، أمس رئيس الحكومة ناجي عطري، الذي أكّد في تصريح نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا»، سعي بلاده «بكل إمكاناتها لدعم أي جهد يسهم في تحقيق المصالحة الوطنية واستتباب الأمن والاستقرار فى أرجاء العراق».
كذلك أكّد عطري أن «قوى الاحتلال تُعَدّ الطرف المسؤول عن تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، لأنها هي الجهة التي أدّى احتلالها إلى جذب قوى التطرف واستفحال دائرة العنف الأعمى»، مكرّراً موقف القيادة السورية من أن جدولة انسحاب هذه القوات «هو الحل للمأساة العراقية».
من جهته، أكّد المالكي «حرص بلاده على تطوير علاقات التعاون بين البلدين، وأهمية تعاون دول الجوار مع الحكومة العراقية، بما يؤدّي إلى تحقيق الأمن والاستقرار اللذين يحتاج إليهما الشعب العراقي لتجاوز الظروف والأوضاع التي يمر بهما في هذه المرحلة». ونقلت «سانا» عن المالكي تأكيده أنه «شُكّلت لجنة مشتركة بين البلدين لهدف تفعيل ما يتّفق عليه». وتُعد زيارة المالكي إلى سوريا، مكمّلة للجولة التي بدأها منذ أشهر إلى دول الجوار، والتي يحاول من خلالها توقيع اتفاقات أمنية مع هذه الدول للسيطرة على الحدود، ومنع دخول المسلحين إلى العراق.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)