غزة ــ رائد لافيرام الله ــ الأخبار

هنية يرفض تقسيم القدس ويشدّد على مواصلة الحملة على الفساد

لليوم الثاني على التوالي، كثّفت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها على الأراضي الفلسطينية عموماً، وقطاع غزة خصوصاً، حيث استشهد خمسة فلسطينيين، بينهم طفلان، فيما استشهد فلسطيني سادس في الضفة الغربية، في وقت لاحت فيه بوادر حلحلة في أزمة الكهرباء في غزة، مع موافقة الاتحاد الأوروبي على استئناف تمويل إمداد الوقود شرط مراقبة جباية «حماس» لفواتير الكهرباء.
وقالت مصادر محلية وشهود في خان يونس (جنوب قطاع غزة) إن قوات خاصة إسرائيلية أعدمت ثلاثة مقاومين من «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، بعد نجاتهم من قصف جوي استهدف السيارة التي كانت تقلهم في منطقة القرارة القريبة من خط التحديد مع فلسطين المحتلة عام 48.
وأضافت المصادر ذاتها أن طائرة استطلاع اسرائيلية أطلقت صاروخين تجاه السيارة التي تقل المقاومين الثلاثة، غير أنهم تمكنوا من القفز والنجاة بأنفسهم، قبل أن تباغتهم قوات خاصة إسرائيلية كانت تختبئ وسط المزارع والحقول المجاورة، وتعدمهم من مسافة قريبة.
وقالت مصادر طبية فلسطينية في مستشفى ناصر الحكومي في المدينة إن الشهداء الثلاثة هم: عوض إبراهيم المصري، ومحمد أحمد أبو سالم، وشادي مصطفى السقا.
وتوعدت «سرايا القدس»، في بيان، بالرد على جريمة إعدام الشهداء الثلاثة. وقالت «إن دماء شهدائنا لن تمر من دون عقاب، وعمليات الاغتيال المتلاحقة لن تفت من عضدنا ولن تثنينا عن خيارنا المنشود بتحرير أرضنا من رجس الاحتلال».
وفي وقت لاحق، ذكرت مصادر طبية فلسطينية أن طفلين فلسطينيين على الأقل استشهدا وأصيب ثالث بجراح جراء قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من النشطاء الفلسطينيين في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة.
وفي الضفة الغربية، استشهد ناصر علي مبروك ( 37 عاماً)، أحد قادة كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الذراع المسلحة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أمس في اشتباكات مع قوات الاحتلال في مخيم العين غرب نابلس شمال الضفة الغربية.
ودانت حكومة إسماعيل هنية المقالة بشدة عمليات القصف والاغتيال والتوغل، محذرة «من محاولة استغلال البعض للعدوان على شعبنا لضرب الأمن والاستقرار وخلق الفوضى سواء في الشارع العام أو في المؤسسات الصحية».
سياسياً، شدّد هنية، على رفض «أي مفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تفرض تقسيم مدينة القدس المحتلة أو تجزئتها أو التنازل عنها»، متعهداً «التمسك والدفاع عن كل شبر أرض من مدينة القدس المحتلة بشكل خاص وأرض فلسطين بشكل عام».
وقال هنية، في كلمة خلال افتتاح مؤتمر نظمته مؤسسة الأقصى الدولية (فرع غزة) في الذكرى الثامنة والثلاثين لإحراق المسجد الأقصى: «لن نضيع القدس والأقصى في غمار الأحداث الفلسطينية وفي أزقة غزة». وأضاف: «لا ولم نفوض أحداً في أي مرحلة كانت أن يتنازل عن القدس أو عن أي حق من حقوق شعبنا الفلسطيني».
وفي ما يتعلّق بأزمة الكهرباء، طلب هنية من الاتحاد الأوروبي استئناف تمويل تكلفة الوقود لمحطة توليد الكهرباء، بعدما تعهد عدم فرض ضرائب على الكهرباء. وأشار إلى أن تعهدات مكتوبة أرسلت أيضاً إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي.
وكشف هنية عن وجود اتصالات مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وقيادات فلسطينية لإعادة دخول إمدادات الوقود لشركة الكهرباء في قطاع غزة. وقال، «إذا كان ما نقوم به من اعتقالات لإداريين في شركة الكهرباء بسبب تورطهم في قضايا الفساد المالي فسوف يلزمنا التوقف عن اعتقال كل من تورط في الفساد (بسبب ما ترتب عليه من انقطاع الكهرباء). فنحن نؤكد أننا لن نتوقف وسنستمر في فتح ملفات الفساد».
وأضاف هنية: «المسؤولون في رام الله يقولون إن الاتحاد الأوروبي أوقف دفع فواتير وقود الكهرباء لأن حركة حماس تجبر المواطنين على دفع ضرائب ونحن نؤكد أننا لم نفعل ذلك».
وفي السياق، قال الاتحاد الأوروبي أمس إنه وافق على استئناف تمويل شحنات الوقود بعدما تلقى تأكيدات بأنه سيتاح له مزيد من الإشراف. وقال، في بيان: «بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية ستستأنف المفوضية (الأوروبية) يوم الأربعاء بشكل مؤقت إمدادات الوقود لمحطة كهرباء غزة».
من جهته، أعلن وزير الإعلام في حكومة تسيير الأعمال رياض المالكي أن الاتحاد الأوروبي استجاب لتدخل رئيس الوزراء سلام فياض وقرر استئناف توريد الطاقة إلى محطة توليد الكهرباء في غزة شرط التدقيق في تحصيل رسوم الكهرباء في قطاع غزة.
وأعادت أزمة التيار الكهربائي قطاع غزة عقوداً طويلة إلى الوراء، مع اضطرار نحو نصف سكانه إلى الاعتماد على وسائل الإنارة البدائية البديلة، لليوم الثالث على التوالي.
وهجرت مئات الأسر منازلها، التي تتحول مع ساعات المساء إلى «قبور مظلمة»، وتدافعت إلى شواطئ البحر والمتنزهات العامة، فيما افترش آخرون أسطح المنازل خلال ساعات الليل هرباً من حرارة الجو، التي تبلغ ذروتها في ساعات الظهيرة، وتصل إلى 30 درجة مئوية.
وشهدت الاستراحات الشعبية على شواطئ البحر ازدحاماً شديداً من الطبقة المتوسطة، فيما لجأ الميسورون إلى السهر في الفنادق الفخمة حتى ساعات الفجر الأولى، هرباً من «ظلمة المنازل».
المواطن محمد حمادة (45 عاماً)، اصطحب أسرته المكونة من سبعة أفراد، كالمئات من سكان غزة، وقضى الليلتين الماضيتين على شاطئ البحر حتى الفجر، ويقول: «الوضع في غزة لم يعد يطاق. لقد أعادنا الطرفان عشرات السنين إلى الوراء». وقال: «كنا في السابق نحزن على مشاهد الأفارقة وهم يتضورون من قلة الماء والطعام، لكننا سنلمس هذه الحياة قريباً في غزة إذا استمرت الخلافات والمناكفات».

الوضع في غزة لم يعد يطاق. لقد أعادنا الطرفان عشرات السنين إلى الوراء. كنا في السابق نحزن على مشاهد الأفارقة وهم يتضورون من قلة الماء والطعام، لكننا سنلمس هذه الحياة قريباً في غزة إذا استمرت الخلافات والمناكفات