strong>انتخاب وزير الخارجيّة التركي عبد الله غول رئيساً للبلاد محسوم في جولة الاقتراع الثالثة والأخيرة في 28 من الشهر الجاري. إلّا أنّ تصريحات رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان ليل أوّل من أمس عن «ضرورة عدم تدخّل الجيش في السياسة» تثير تساؤلات عن مستجدّات قد تطرأ لتغيّر المحتّم تقنياً، فيما تنفي المؤسّسة العسكريّة بشكل قاطع إبرامها «صفقة سريّة محدّدة بشروط»
بعد الجلسة البرلمانيّة الأولى التي «فشل» فيها عبد الله غول من حسم قضيّة وصوله إلى قصر كنكايا الرئاسي أوّل من أمس، أعاد زميله في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، رئيس الحكومة رجب طيّب أردوغان، إلى الواجهة الجدل حول دور الجيش في العمليّة السياسيّة في البلاد.
وقال أردوغان، في حديث لقناة «كانال ـــــ دي» التلفزيونية التركيّة: «دعونا لا نُدخل القوّات المسلّحة التركية في السياسة. فلتبق في مكانها لأن جميع مؤسساتنا تقوم بواجباتها وفقاً مع ما هو وارد في الدستور». وتساءل: «إذا فعلنا ذلك، فأين نحن عندئذ؟»، مشيراً إلى أنّ «القوّات المسلّحة بالنسبة إلينا مقدّسة ولها منزلة خاصّة».
وأعقب تصريحات أردوغان بيان لهيئة الأركان العامّة تضمّن نفياً لتقارير إعلاميّة تحدّثت عن لقاءات سريّة عُقدت من أجل إبرام صفقة سرية بين قائد الجيش يسار بويكانيت وغول، تسمح للأخير بتولّي منصب الرئاسة «بموجب شروط محددة».
وشدّد البيان على أنّ «من غير الوارد أن تقايض القوّات المسلحة التركية بشأن أي قضية مع أي شخص أو مؤسسة»، في ظلّ إشارة محلّلين إلى أنّ احتمال تدخّل الجيش، الذي أطاح أربع حكومات خلال الخمسين عاماً الماضية، في الاستحقاق الرئاسي «هو أقّل بعدما حقّق العدالة والتنمية فوزاً كاسحاً في الانتخابات البرلمانيّة (حصل على 341 مقعداً برلمانياً من أصل 550 مقعداً) في ظلّ مشاركة غير مسبوقة (88 في المئة من الناخبين).
وكان الجيش قد علّق بشكل ضبابي على ترشيح غول للرئاسة، عندما قال بويوكانيت الأسبوع الماضي: «إنّنا لا نريد المشاكل مع أحد، ونخشى أن يُفهم موقفنا بطريقة خاطئة إذا عبّرنا عنه»، مشيراً إلى أنّ الخطوة التي قد يتّخذها الجنرالات في حال وصول وزير الخارجيّة «الديموقراطي المحافظ» إلى قصر كنكايا في أنقرة، ستتمثّل في تجنّبهم للحفلات في مقرّ الرئاسة «لأنّه لدينا مبادئ (علمانيّة) علينا المحافظة عليها»، لكون زوجة غول، خير النساء، محجّبة، والدستور الذي خطّه مؤسّس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك يشدّد على صيغة حديديّة من مبدأ فصل الدين عن الدولة، تمتدّ إلى منع المظاهر الدينيّة في الدوائر الرسميّة ومؤسّسات الدولة.
وبدا موقف الجيش إلى حدّ ما متقبّلاً لما آلت إليه الأمور بعد الانتخابات التشريعيّة، وخصوصاً أنّ موقفه الرافض لترشيح غول للمرّة الأولى إلى الرئاسة، عقب انتهاء ولاية الرئيس العلماني أحمد نجدت سيزر في نيسان الماضي، كان صلباً لدرجة أطلق تظاهرات مليونيّة دعت إلى «الحفاظ على الطابع العلماني للبلاد».
ويرى مراقبون أنّ صدقية انتخابات الرئاسة، التي تشهد البلاد جولتها الثانية الجمعة المقبل، تعزّزت بمشاركة أحزاب معارضة من دون «حزب شعبي الجمهوري» وهو أكبر أحزاب المعارضة العلمانيّة. فقد تقدّم غول في الجولة الأولى، التي يتطلّب الحسم كشأن الثانية حصول المرشّح على ثلثي الأصوات، على منافسيه، المرشّح عن حزب «الحركة القوميّة»، صباح الدين تشماك أوغلو ومرشح حزب «اليسار الديموقراطي» حسين طايفور، من خلال نيله تأييد 341 برلمانياً، وهم نوّاب حزبه، فيما حصل الآخران على 70 صوتاً و13 صوتاً على التوالي.
ومن المتوقّع أن يحسم غول «الصراع على الرئاسة» في جولة الاقتراع الثالثة في 28 من الشهر الجاري، حيث المطلوب للربح عوضاً عن شرط تأييد الثلثين، الغالبيّة المطلقة أي النصف زائداً واحداً (276 صوتاً)، وهو ما يمكن تأمينه بسهولة.
(أ ب، رويترز)