القاهرة ـ الأخبار
يبدو أنّ الاحتلال فقد الأمل نهائياً في قدرة السياسيين العراقيين على إحلال «المصالحة الوطنية» في بلاد الرافدين، وبدأ يلجأ إلى رجال دين مسيحيين لديهم معرفة وخبرة طويلتين في أحوال الدول العربية والشؤون الإسلامية.
وبدأ رجال دين عراقيون شيعة وسنة منذ يوم أمس حواراً بعيداً عن الإعلام في العاصمة المصرية القاهرة، برعاية من قساوسة مسيحيين أميركيين وبريطانيين، بهدف تشجيع مصالحة شيعية ـــــ سنية، وسط تشكيك الوسط العراقي المعارض بنيات مثل تلك الخطوة التي يرعاها الاحتلال وأهدافها.
وقال مصدر مقرّب من الاجتماع إنّ ممثّلين عن آية الله علي السيستاني، وفي مقدمتهم أحد مساعديه، الشيخ عمار أبو رغيف، وبعض علماء السنّة، وفي مقدمتهم الشيخ عبد اللطيف هميم والشيخ أحمد الكبيسي، يحضرون الاجتماع الذي ينتهي اليوم، وذلك برعاية كبار أساقفة الجيش الأميركي، إلى جانب ممثلين عن الكنائس البريطانية، وفي مقدمتهم القس كانون اندريه وايت، الذي سبق له العمل في العراق لمدة 10 سنوات.
وكشف المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، أن الحوار الذي تموّله جهّات كنسية أميركية وبريطانية، يحظى بموافقة الحكومة العراقية، بينما تعارضه مرجعيات سنية. وأوضح أن الهدف من الحوار هو الخروج بموقف من علماء الجانبين، يدين أعمال العنف الطائفية وخصوصاً نشاطات تنظيم «القاعدة».
وأكّد مسؤولون مصريون أنّه ليس للقاهرة أي علاقة بالحوار الذي لم يشارك فيه أي طرف مصري، لكنهم رحّبوا بأي خطوة يمكن أن تساعد على إنهاء الصراع المذهبي في العراق.
غير أنّ بعض المصادر العراقية المعارضة التي تعيش في القاهرة، قلّلت من احتمال نجاح المجتمعين فى التوصّل إلى صيغة توفيقة، مشيرة إلى أن الاجتماع نفسه تحوم حوله شبهات لكونه يُعقد في ظلّ حضور أميركي وبريطاني مباشر.
وفي السياق، قال معارض عراقي في القاهرة، لـ«الأخبار» أمس، إن «الشبهات لا تنبع من فراغ، وثمة تساؤلات عن مبرّر عقد الاجتماع الآن فى القاهرة لا في العاصمة العراقية بغداد بالإضافة إلى الدهشة من سعي قساوسة أميركيين وبريطانيّين لعقد مصالحة بين السنة والشيعة فى العراق». ورأى أن الهدف الوحيد من الاجتماع «هو بلورة موقف جماعي ضد تنظيم القاعدة والجماعات السنية المتحالفة معه على نحو يخدم مصالح الاحتلال».
وقالت مصادر مصرية لـ«الأخبار» إنّ أهداف مؤتمرات مماثلة تكون غير مُعلنة عادة، مشيراً إلى أن «المصالحة لن تتم فى بغداد إلا عبر مشاركة أطراف إقليمية تقف وراء السنة والشيعة».
يُذكَر أنه سبق لزعماء دينيين عراقيين أن وقّعوا وثيقة في مطلع العام الجاري في مدينة مكّة، حرّموا فيها الدم العراقي، كما تعهّدوا العمل على وقف القتال الطائفي.