الصراع الأيديولوجي العالمي لا يزال في ساعاته الأولى» ألقى الرئيس الأميركي جورج بوش في ولاية كنساس أمس، أمام محاربين قدامى شاركوا في حرب فيتنام، خطاباً أعطى انطباعاً بأنّ جيش بلاده في طريقه إلى تحقيق الانتصار العسكري والسياسي في العراق، متخطّياً حقائق الإخفاق الميداني، ومتناسياً الإخفاق السياسي الذي تتخبّط به حكومة حليفه نوري المالكي، الذي عاد سيّد البيت الأبيض وأكّد دعم إدارته له، وذلك غداة إشارات أرسلها فُسّرت على أنها تخلٍّ أميركي عنه.
وقال بوش إن «المالكي رجل طيّب وعمله شاقّ وأنا أدعمه»، غير أنه أعاد عبارته التي أثارت لغطاً في اليومين الأخيرين، فجدّد قناعته بأنّ «مهمة تحديد مصير الحكومة العراقية ورئيسها يعود إلى العراقيين، لا إليّ ولا إلى أي أميركي».
وتركّزت كلمة بوش على العراق أساساً، إذ أعاد تأكيد التزامه حتى نهاية عهده بإكمال الحرب على التنظيمات التي تقاتل قواته في بلاد الرافدين، معلناً أنّ «الصراع الأيديولوجي العالمي» الذي تقوده بلاده، على غرار ما فعلته مع العدو الشيوعي، «لا يزال في ساعاته الأولى». كذلك بدا واثقاً جداً من أنّ مصير هذه الحرب العالمية سيكون شبيهاً بالنهايات التي عرفتها كل حروب بلاده (في إشارة إلى الحرب العالمية الثانية وحرب كوريا). وأشار في هذا السياق، إلى أنّ «انتصاراتنا السابقة ستساعد في توجيه قواتنا اليوم في العراق للخروج منتصرين».
وفي مقارنة بين الحرب العالمية الثانية واحتلال العراق وأفغانستان، ذكّر بوش كيف أنّ «مصالح ومبادئ أميركا حوّلت خسارة اليابان إلى نظام ديموقراطي، وهو ما سنفعله في كل من أفغانستان والعراق».
وعن مصير قواته في العراق، قال بوش «ما دمت قائداً أعلى للقوات المسلّحة، سنقاتل حتى ننتصر، كما فعلنا في آسيا، حيث باتت الدول التي قاتلناها تزدهر وترغب في السلام معنا». كذلك استعاد بوش تجربة بلاده في الحرب الكورية في خمسينيات من القرن الماضي، ليقول إنّ «استراتيجيتنا الدفاعية في ذلك الوقت، جعلتنا نرفض ترك كوريا ترزح تحت نظام ديكتاتوري، وقد أدّى سلوكنا هذا إلى وصول كوريا الجنوبية والدول المجاورة لها إلى ثورة النمور الآسيوية... وهو ما نريد أن نراه في جميع دول العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط».
وسيطرت الخسارة الأميركية في فيتنام على كلمة الرئيس الأميركي، الذي حذّر من أن تواجه بلاده «كارثة مشابهة إذا أذعنّا لمطالب بعض ساستنا وانسحبنا من العراق». وأوضح أن «كثيرين قالوا حينذاك، إنه إذا انسحبنا فلن تكون هناك عواقب لذلك على الشعب الفيتنامي، ويجب اليوم أن يعرف العالم كم كان هذا الانطباع الخاطئ مكلفاً»، داعياً إلى الصبر لرؤية نتائج العملية في العراق.
وقارن بوش بين الهزيمة الموجعة للولايات المتحدة في فيتنام مع الوضع الحالي في العراق، قائلاً: «بعد ثلاثة عقود، هناك جدل مشروع بشأن كيفية دخولنا حرب فيتنام، وكيف رحلنا». وأضاف «مهما كان موقفنا من هذا الجدل، فإنّ أحد دروس فيتنام هو أن ملايين الأبرياء دفعوا ثمن انسحابنا». ولاحظ أن «درساً واحداً يمكن استخلاصه من الهزيمة العسكرية الأميركية هناك، بعد جيل واحد، وهو أن علينا أن نتحلّى بالصبر في العراق، لأنه لا بدّ أن ننجح، إلا إذا انسحبنا».
وتابع الرئيس الأميركي «وفي الوقت الذي يستعيد (الجنود) فيه المبادرة من العدو، سيطرحون السؤال: هل سيسحب قادتهم المنتخبون في واشنطن البساط من تحت أقدامهم، في الوقت الذي بدأوا فيه يحققون مكاسب ويغيّرون الوضع على الأرض في العراق؟». وفور انتهاء خطاب بوش، ردّ رئيس الغالبية في الكونغرس، السناتور الديموقراطي هاري ريد عليه قائلاً: إنّ «مقارنة التدخّل الذي اضطلعت به بلاده في نزاعات شرق آسيا بالحرب على العراق اليوم، غير موفّق، لأنّ الإدارة الجمهورية غزت العراق بناءً على حجج كاذبة، وهي بذلك سبّبت أكبر الكوارث التي عرفتها سياستنا الخارجية في تاريخنا».
(أ ب، يو بي آي)