حسن شقراني
الضرر الذي لحق بوزارة العدل الأميركية، شفافيّتها التي فُقدت وأخلاقيّات موظّفيها التي مُسّت، هي نتائج إدارة المدعي العام ألبرتو غونزاليس للنظام الحقوقي في الولايات المتّحدة منذ عام 2005. مسؤولون حاليّون وسابقون في الإدارة في واشنطن وصفوا سلسلة الأحداث الممتدّة منذ أواخر العام الماضي، المتعلّقة بالتحقيق في قضيّتي فساد أساسيّتين (طرد محامين عامّين لمكاسب سياسيّة، وشهادات كاذبة في ما يخصّ برنامج التنصّت من دون مذكّرات قضائيّة) بأنّها دلالات على حجم التسييس في النظام القضائي، والفضيحة الأكبر لمدى الفساد في أروقته منذ «فضيحة واترغايت» عام 1972 التي أدّت في النهاية إلى استقالة الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون.
الزعيم في البيت الأبيض الآن هو جورج بوش وهو جمهوري أيضاً، إلّا أنّ الفضيحة رُتّبت بطريقة ترتدّ بموجبها التداعيات تلقائيّاً على غونزاليس نفسه الذي قدّم استقالته أمس. أسباب التنحّي واضحة، على عكس شهاداته المثيرة للجدل التي قدّمها إلى هيئات التحقيق المنبثقة عن الكونغرس لتحديد مستوى خرق الشرعيّة في اتّخاذ قرارات لطرد المدّعين العامّين التسعة، من أجل تجنّب تحقيقات فديراليّة تطال مشرّعين في الـ«كابيتول هيل»، وفي شأن برنامج الاستخبارات الأميركيّة المثير للجدل الذي يجيز التنصّت على المواطنين من دون مذكّرات قضائيّة مسبقة.
العلاقة بين غونزاليس والكونغرس، الذي يسيطر عليه الديموقراطيّون، تدهورت إلى حدّ أصبح فيه إصلاحها عنده مستحيلاً. حتّى بعض النوّاب والسيناتورات الجمهوريّين أعربوا عن ضيقهم وانتقاداتهم لأدائه، الذي وصفه الرئيس السابق لقسم «الإعلام والسريّة» في وزارته، دانييل ميتكافيه، المستقيل منذ كانون الثاني الماضي، بأنّه أصبح «إحراجاً».
غونزاليس، الذي يُعدّ المسؤول الهسباني الأعلى رتبة في الإدارة الأميركيّة الحاليّة، تظاهر خلال جلسات الاستجواب التي أجرتها هيئة من الكونغرس، بأنّه نسي إحداثيّات تُعدّ، في التحقيقات المتعلّقة بالانحراف عن مسار «المهنيّة» في قضيّة المحامين التسعة، مهمّة جدّاً، ما أغضب مسؤولين في الهيئة، التي يترأسها السيناتو عن نيويورك تشارلز شومر.
بوش بقي يرعى غونزاليس، وهو مستشاره مذ كان حاكماً لولاية تكساس في تسعينيّات القرن الماضي حتّى الجمعة الماضي، عندما أعرب الثاني عن رغبته في التنحّي. وتعليق سيد البيت الأبيض على الجدل في واشنطن حول نزاهة أقواله وشفافيّته في منصبه، كانت ببساطة «إنّها عمليّة سياسيّة، والكونغرس، حسبما أرى، لم يقل إنّه ارتكب أخطاءً».
«أنا عشت الحلم الأميركي، والولايات المتّحدة هي أعظم دولة في العالم». هذه عبارة غونزاليس (52 عاماً) المقتضبة التي علّق فيها على استقالته، التي تعقب استقالات متتالية في إدارة بوش، كانت آخرها تلك التي قدّمها المستشار الاستراتيجي الأوّل لبوش، كارل روف، في الأسبوع الماضي.
زعيم الغالبيّة الديموقراطيّة في مجلس الشيوخ، السيناتور هاري ريد، شدّد على أنّ هذه الاستقالة ليست نهاية القضيّة، والكونغرس سيواصل تحقيقاته للوصول إلى تشعّباتها في البيت الأبيض والأسماء التي ستكشفها، أسماء متوجّهة نحو الاستقالة أو الإقالة غير المباشرة.