strong>بول الأشقر
أثار قرار سحب موضوع نقل العاصمة السياسية البوليفية من مدينة لاباز إلى مدينة سوكر من مناقشات المجلس التأسيسي، موجة من الإضرابات أول من أمس، عمَّت ستاً من محافظات البلد التسع، حملت أيضاً عنواناً آخر أيضاً هو الاعتراض على قرار الرئيس إيفو موراليس بإقالة أربعة من أعضاء المجلس الدستوري لتخليهم عن واجباتهم المهنية.
وتزامنت هذه الإضرابات مع تظاهرات، ووجهت أحياناً بتظاهرات مضادة، لتزيد من انقسام بوليفيا المرجَّح أن يتعمَّق، كلما اقترب موعد نهاية أعمال المجلس التأسيسي الموكل صياغة دستور جديد للبلاد نهاية السنة الجارية.
وكانت المعارضة والجمعيات المدنية المؤيدة لها وجمعيات رجال الأعمال قد دعت إلى إضراب لمدة 24 ساعة للاعتراض على السياسات الحكومية، وفيما شل الإضراب الوسط التجاري في عواصم ست مناطق إدارية، اقتصرت عملية الإقفال على وسط المدن من دون أن تمتد إلى الأحياء الشعبية أو إلى المناطق الريفية، فيما لم تجد هذه الدعوة أي تجاوب في المناطق الثلاث الباقية التي تشكل قاعدة دعم الرئيس موراليس.
وفيما رأت المعارضة أن الإضراب لقي «نجاحاً ملحوظاً»، علَّق وزير الداخلية بالقول إنه «كان جزئياً وعنيفاً»، ولا سيما في مدينة سانتا كروز.
واحتلت «الشبيبة المدنية»، وهو تنظيم شبابي راديكالي معارض لموراليس، الشوارع وأخذت تقفل المتاجر بالقوة وتقوم بكسر واجهات المحلات التي كانت ترفض الانصياع إلى قرار الإضراب، ما شوَّه صورتها. وكانت قد سبقت بداية الإضراب تظاهرتان كبيرتان مؤيدتان للرئيس الهندي موراليس في مدينتي سوكر وكوشابامبا.
وبالرغم من أعمال العنف التي ميزت الإضراب، نجحت الشرطة في منع الاحتكاك بين الموالين والمعارضين.
وتأتي هذه التظاهرة الجديدة بعد أسبوع من تجميد أعمال المجلس النيابي، الذي يجتمع في مدينة لاباز، والمجلس التأسيسي الذي يجتمع في مدينة سوكر.
وبالنسبة إلى المجلس النيابي، فقد جُمِّدَت أعماله بعدما وقع عراك بالأيدي والأرجل بين النواب عندما وافقت أكثرية المجلس على مقاضاة 4 أعضاء من المجلس الدستوري اتهمهم موراليس بتعطيل إصلاحاته عمداً، قبل أن يمر القرار أمام مجلس الشيوخ، حيث للمعارضة أكثرية بعكس مجلس النواب.
أما بالنسبة إلى المجلس التأسيسي فقد جُمِّدَت أعماله عندما تعرض عدد من النواب المؤيدين للرئيس للضرب في شوارع سوكر، بعدما أسقطوا من جدول مناقشة أعمال المجلس مسألة نقل العاصمة السياسية للبلد من مدينة لاباز إلى مدينة سوكر.
ولبوليفيا منذ قرن ونيف عاصمتان: لاباز، وهي العاصمة الإدارية والسياسية ومقر الحكومة، وسوكر وهي العاصمة الدستورية ومقر السلطة القضائية.
وتريد القوى المحافظة اليوم إعادة توحيد العاصمة في سوكر، لأن منطقة لاباز والمحافظات «الغربية» المحيطة بها هي ذات أكثرية هندية وتشكل المعقل السياسي لموراليس.
ويأتي تعطيل المجلسين ليزيد من حدة الانقسام السياسي في بوليفيا، الذي يعمِّقه الانقسام العرقي والجغرافي، فيما يزداد التجاذب مع اقتراب انتهاء مهلة أعمال المجلس الدستوري الموكل صياغة دستور جديد للبلاد يراه الرئيس أساسياً في عملية «إعادة تأسيس البلاد». وتنتهي هذه المهلة في السادس من كانون الأول المقبل. وكان قد تم التمديد في شهر آب أربعة أشهر للمجلس التأسيسي، لكنه حتى الآن لم يبدأ في التصويت على مواد الدستور الجديد.
ويرى الكثير من المراقبين أن المهلة الجديدة لن تكون كافية، وأن المعسكرين قررا المضي قدماً في الكباش حتى الساعات الأخيرة في ما يراه كل منهما المعركة الفاصلة لتحديد هوية البلد ومؤسساته.