في إطار تعامله «الحذر» مع الرئيس الجديد عبد الله غول لـ«تاريخه الإسلامي»، استمرّ قائد الجيش التركي يسار بويكانيت بمقاطعته له، ولم يتحدّث معه إطلاقاً خلال احتفال «عيد النصر» في اسطنبول أمس، رغم جلوسه إلى جانبه طوال المراسم، بعدما كان قد حذّر في وقت سابق مشكّلي الأخطار على الجمهوريّة التركيّة في الداخل والخارج من تربّص الجيش بمخطّطاتهم.وبعدما كان يوم أوّل من أمس قد شهد مقاطعة لغول في يومه الأوّل في منصب الرئاسة، تمثّلت بعدم إلقاء بويكانيت وضبّاط كبار في الجيش التحيّة عليه في احتفال عسكري، حضر غول وزميله في حزب «العدالة والتنمية»، رئيس الحكومة رجب طيّب أردوغان، احتفال النصر، الذي يحيي حرب الاستقلال والانتصار على القوّات اليونانيّة الغازية في عام 1922، من دون زوجتيهما المحجّبتين، لعدم توجيه المؤسّسة العسكريّة دعوة إليهما، بسبب خرق حجابيهما للتقاليد العلمانيّة ودستور البلاد الذي ينصّ على فصل الدين عن الدولة.
وكان بويكانيت قد شدّد، في خطاب في أنقرة سبق الاحتفالات، على أنّ «الجيش، الذي أنقذ تركيا من المآسي في الظروف الأصعب التي مرّت بها، سيستمرّ ببذل التضحيات لحماية هذه البلاد وهذه الأمّة من جميع الأخطار التي تهدّدها، داخليّة كانت أم خارجيّة».
وتأتي تصريحات وتصرّفات بويكانيت، للتغطية على ما يبدو على فشل الجيش «حامي العلمانيّة» في منع غول من الفوز بمنصب الرئاسة، في ظلّ إشارة محلّلين إلى أنه من المرجّح أن تسعى المؤسّسة العسكريّة لجعل حياته وحياة حزبه الحاكم صعبة خلال المراحل المقبلة.
ويرى الخبير في شؤون الجيش التركي، جاريث جنكنز، أنّ الجيش «خسر معركة إلّا أنّه لم يخسر الحرب، وسيخوضها على المدى البعيد لأنها مهمّة مقدّسة بالنسبة إليه». ويوضح أنّ المؤسّسة العسكريّة «أخطأت الحساب كثيراً»، وستعمل الآن «من وراء الكواليس على حماية مبادئه الأساسية»، مشيراً إلى أنّه «على سبيل المثال قد تشجّع وسائل الإعلام والمعارضة على مهاجمة الحكومة».
وفيما يلفت محلّلون إلى أنّ تصريحات الجيش اللاذعة ستستمرّ خلال الشهور المقبلة، على أمل أن تقوم المعارضة العلمانيّة، التي يمثّلها أساساً «الحزب الشعبي الجمهوري»، في نهاية الأمر بهذا الدور وتتحدّى الحكومة، يقول جنكنز إنّ «العدالة والتنمية» بيده أن يقدّم إلى الجيش دليلاً على أنه مصدر خطر على العلمانية، وإذا لم يفعل ذلك «سيحرم الجيش من الأوكسيجين»، وستصبح تصريحات قادته «غير ذات معنى بدرجة كبيرة».
(أ ب، أ ف ب، رويترز)