غزة ــ رائد لافي
«حماس» تسعى لإبراز قدرتها على ضبط الأمن... والرئاسة تتّهمها بالضلوع في احتجازه


أسدلت حركة «حماس» الستار على أطول وأخطر عملية اختطاف تشهدها الأراضي الفلسطينية، عبر نجاحها في الاتفاق مع تنظيم «جيش الإسلام» فجر أمس، على إطلاق سراح مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الصحافي الاسكتلندي ألان جونستون، وهو ما سعت الحركة إلى الاستفادة منه لمحاولة كسب مشروعية السيطرة على قطاع غزة، فيما شكّكت الرئاسة و«فتح» بالاتفاق، واتهمتاها بالضلوع في اختطافه.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن الإفراج عن جونستون قطع الطريق على خيار استخدام القوة، حيث وافقت حركة «حماس» و«جيش الإسلام» على الاحتكام للشرع، بوساطة «لجان المقاومة الشعبية»، ولجنة شرعية تضم نخبة من العلماء، الذين أصدروا فتوى شرعية تقضي بتحريره، وتحرم عمليات اختطاف الأجانب والضيوف على الأراضي الفلسطينية.
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية المقال إسماعيل هنية قد رفض، في مؤتمر صحافي عقده فجر أمس بحضور جونستون وعدد من قادة «حماس» في غزة، الكشف عن تفاصيل صفقة تحريره، مكتفياً بالقول إن «مكتب رئيس الوزراء بقيادة غازي حمد (المتحدث باسم هنية) قاد مباحثات سرية».
وشدّد هنية على أن الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة جادة في فرض النظام والأمن والاستقرار، متمنياً أن يسود الأمن مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
وأشاد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل بالإفراج عن جونستون، وقال إن ذلك «عكس الفارق بين فترة مضت كانت فيها مجموعة تعمل على انتشار الفلتان الأمني والفوضى وبين الحالة الراهنة التي تسعى حماس فيها لاستتباب الأمن».
ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتحرير جونستون. وقال، في بيان، إن «اختطاف جونستون على يد جماعة مسلحة خارجة عن القانون، نهلت وشربت من ماء ثقافة مشبعة بالعنف والكراهية والإقصاء والاستئصال البغيضة، الغريبة عن تقاليد شعبنا وثقافته وعقيدته السمحاء، يجعل من مهمة حل هذه الميليشيات والجماعات مهمة لا تقبل التأجيل».
وفي سياق سعيها لتأكيد شرعيتها في قطاع غزة، قالت حركة «حماس»، على لسان القيادي فيها سامي أبو زهري، إن خطوة الإفراج عن جونستون عكست «استقرار الوضع الأمني المتزايد وقدرة الحركة على الحفاظ على الأمن والنظام في قطاع غزة»، لكنها شكلت في الوقت نفسه «صدمة كبيرة لقيادة السلطة».
وأشار أبو زهري إلى أنه «بدلاً من اعترافها بالفشل الأمني راحت (قيادة السلطة) على لسان (أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير) ياسر عبد ربه، تحاول قلب الأمور بشكل سخيف، بالقول إن حماس هي المسؤولة عن اختطاف جونستون، وإن الإفراج عنه يهدف إلى تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي».
واتهم أبو زهري عباس ضمناً بالتستر على خاطفي جونستون، وقال: «إذا كان الأمر كما يقول عبد ربه، فلماذا لم يسارع عباس إلى تحريره، وقد كان يعلم مكان اختطافه منذ البداية، وليس ذلك إلا لسبب واحد، وهو أن أجهزته الأمنية هي التي كانت تتستر وتدعم استمرار اختطافه».
وكان عبد ربه قد اتهم «حماس» بالضلوع في عملية الخطف وبمحاولة «تلميع صورتها» على الساحة الدولية من خلال الإفراج عنه. وقال إن «حماس كانت تحمي خاطفي جونستون لأشهر طويلة، والآن يدعي مسؤولوها أنهم قاموا بإنجاز بطولي بالإفراج عنه».
وفيما ثمّن عدد من الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني جهود حركة «حماس» في تحرير جونستون، وصفت حركة «فتح» إطلاق سراحه بأنه «انتهاء للمسرحية الهزلية». وقالت، في بيان، إن «جونستون كان مختطفاً ممّا يسمى جيش الإسلام أحد أذرع حركة حماس في قطاع غزة».
كما اتهمت حكومة الطوارئ الفلسطينية، التي يرأسها سلام فياض، حركة «حماس» بالضلوع في اختطاف الصحافي الاسكتلندي. وقال المتحدث باسم الحكومة وزير الإعلام رياض المالكي إن «الحكومة على اقتناع بأن من اختطف جونستون قبل أربعة أشهر، هو من أطلق سراحه اليوم، بهدف تحقيق أكبر استفادة إعلامية وسياسية ممكنة».
إلى ذلك، قالت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، في بيان، إنها «تشعر براحة كبيرة». وأعربت عائلة جونستون في اسكتلندا عن «فرحتها الغامرة» بعد انتهاء «الكابوس». كما رحب رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون بالإفراج عن جونستون، فيما أشاد وزير خارجيته ديفيد ميليباند بالدور الحاسم الذي اضطلع به الزعماء الفلسطينيون لضمان تحريره.