strong>أخطأ من ظنّ أنّ مجرّد إقرار الحكومة العراقية يوم أول من أمس لقانون النفط والغاز بإيعاز أميركي، على الرغم من مقاطعة كتل نيابية رئيسية في البلاد، سيكون كافياً لتمريره في البرلمان؛ فبعد أن نام رئيس الحكومة نوري المالكي «على حرير» إثر الإجماع الذي ناله مشروع القانون في الحكومة، استفاق على مشهد سياسي مختلف كليّاً
أعلنت كل من حكومة إقليم كردستان والتيار الصدري وجميع الأطراف السنية أمس رفضها لقانون النفط، ما يضع حكومة نوري المالكي في مأزق حقيقي، بسبب حساسية القانون بالنسبة إلى الآمال الأميركية والحكومية العراقية من حيث الإسراع في «المصالحة الوطنية» وفرض شيء من الاستقرار الأمني في بلاد الرافدين، علّ ذلك ينقذ إدارة الرئيس جورج بوش مما بات يُسمَّى في الولايات المتحدة «المستنقع العراقي».
ففيما يبدو اتفاقاً غير مباشر، أعلنت الكتلة الصدرية وهيئة علماء المسلمين في العراق وكتلتا «التوافق» و «الحوار» (السنية) موقفاً موحّداً رافضاً لقانون النفط والغاز العراقي الذي أُقرّ في الحكومة أول من أمس.
وقال النائب عن الكتلة الصدرية، نصار الربيعي، «إن الكتلة الصدرية ترفض إبرام أي عقود في قانون النفط والغاز مع الشركات الأجنبية التي لها قوات على أرض العراق».
وأصدرت هيئة علماء المسلمين فتوى تحرّم الموافقة على قانون النفط والغاز، معتبرةً أن «جريمة التواطؤ مع العدو، التي تأتي في سياق صفقات مع المحتل، من شأنها هدر أكبر ثروة وطنية يملكها أبناء البلد».
ورأى رئيس «الجبهة العراقية للحوار الوطني»، صالح المطلك، أن موافقة الحكومة ومجلس النواب على القرارات والقوانين باطلة، ولا يمكن تطبيقها على الأرض. كما أكّدت «جبهة التوافق» أن قانون النفط والغاز «لن يمر ولن يرى النور من دون موافقة الجبهة».
أمّا الضربة الأقوى التي تلقّاها القانون قبل أن يولَد، فجاءت من الطرف الكردي، الذي يُعدّ أكبر حليف لرئيس الحكومة، إذ أعلنت حكومة إقليم كردستان، في بيان رسمي، رفضها للتعديلات التي أُدخلت على القانون، كاشفةً أنها لم تطّلع على النسخة النهائية.
وقال النائب عن كتلة التحالف الكردستاني، محمود عثمان، إن الأكراد لن يوافقوا على قانون النفط والغاز قبل تعديله. وأضاف إن قانون النفط والغاز لم يُدرج في جدول أعمال الجلسة البرلمانية المنعقدة منذ أمس، معتبراً أنه «لا يمكن مناقشة هذا القانون بغياب الكتل النيابية المقاطعة، التي تجلّت أمس خلال جلس البرلمان» التي قاطعها 85 نائباً عن كتل «التوافق» و«الصدرية» و «الحوار الوطني».
ومن المنتظر أن يصوّت المجلس على قوانين عديدة من دون أن يُصار إلى البت بقانون النفط؛ فبحسب رئيس المكتب الإعلامي في البرلمان، محمد أبو بكر، فإن دراسة مشروع قانون النفط المعدَّل، وإزالة الخلافات التي نجمت عنه بين الكتل العراقية، قد يحتاج إلى أسبوع في أقل تقدير.
وعلى صعيد «مسلسل» الأخبار عن تعديل حكومي عراقي منتَظر، قال كبير مستشاري المالكي، سامي العسكري، إنه «تم الاتفاق على إجراء تعديل وزاري كامل واختصار عدد الوزارات من ست وثلاثين الى عشرين أو اثنتين وعشرين»، من دون تحديد موعد لذلك.
وشهد يوم أمس، حركة اتصالات نشطة على خط واشنطن ـــــ بغداد، فأجرى بوش اتصالات هاتفية مطوَّلة بكل من المالكي والرئيس جلال الطالباني ونائبه طارق الهاشمي «لبحث مشاريع القوانين التي ما زالت معلَّقة والتي يُنتظر عرضها على مجلس النواب وضرورة الإسراع بتشريعها وفي مقدمتها قانون النفط والغاز» المثير للجدل. وبحسب بيان أصدره مكتب المالكي، فإنّ بوش «ندّد بتدخلات بعض الدول الإقليمية في شؤون العراق، وجدّد دعمه وتأييده للحكومة العراقية وضرورة مساندتها وبقائها موحدة وفعالة وتضم جميع مكوّنات الشعب العراقي».
أمّا مكتب الهاشمي، فأوضح أن الجانبين «تطرّقا إلى مشاريع القوانين التي لا تزال معلَّقة، وضرورة الإسراع بتشريعها من خلال الوصول إلى صيغ توافقية بين الكتل والأطراف ذات العلاقة».
وكان الهاشمي قد تراجع عن مهاجمته للحكومة، نافياً أن يكون قد تعرّض لضغوط أميركية، دفعته للكلام على ضرورة إجراء تعديل حكومي سريع. وقال إن المشاكل والخلافات الحقيقية هي مع الكتل السياسية لا مع الحكومة، متهماً بعض هذه الكتل التي لم يحدّدها، بأنها «ما زالت تعمل خارج المشروع الوطني».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز،
يو بي آي، د ب أ)