غزة ــ رائد لافي
لم تشفع السترة المميزة التي يرتديها المصوّر الصحافي عماد غانم، والكاميرا التي يحتضنها بين ذراعيه، له لدى قوّات الاحتلال الإسرائيلي، التي استهدفته، لترتكب جريمة أخرى وتطبع بصمة عار جديدة على سجلّها الحافل بالتعتيم على الانتهاكات


عماد غانم، الذي يعمل لقناة «الأقصى» الفضائيّة التابعة لحركة «حماس»، كان واحداً من بين الصحافيين الذي هرعوا إلى مخيّمي البريج والمغازي المتجاورين، في وسط قطاع غزة، فجر يوم أمس، لتغطية عملية التوغّل الإسرائيلية الجديدة.
لكن مسارعته لأداء واجبه الصحافي، لم تكن من دون تكلفة؛ فهو لم يعد قادراً على متابعة عمله كمصوّر تليفزيوني من جديد، إذ سيصبح رهين «الكرسي المتحرّك»، بعدما أدّت إصابته بعيارات نارية ثقيلة أطلقت مباشرة عليه من القوّات الإسرائيلية إلى بتر ساقيه، ولم يستطع مدنيّون فلسطينيّون إسعافه في اللحظة بسبب كثافة إطلاق النار الذي أدّى إلى إصابة اثنين منهم.
وفي حديث لـ«الأخبار»، قال مدير الإخراج في فضائية «الأقصى» سمير أبو محسن إنّ «الأطباء في مستشفى الشفاء في مدينة غزة اضطروا إلى بتر ساقي عماد، إحداهما من أسفل الركبة والثانية من فوقها».
وحاصرت الدبابات الإسرائيلية 4 صحافيين، بينهم عماد (23 عاماً)، في منطقة شرق المخيم، ومنعتهم من التحرّك وسط عمليات إطلاق نار كثيفة، وفقاً لمصوّر وكالة «فرانس برس» محمد البابا، الذي كان من بين المحاصرين.
وقال البابا، لـ«الأخبار»، إنّه «بينما كنّا محاصرين، أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة في اتجاه منزل سكني، فسقط ثلاثة شهداء، فتشجع الزميل عماد وخرج كي يوثّق الجريمة بكاميرته، إلّا أنّ إحدى الدبابات لم ترحمه، وأطلقت عيارت نارية عديدة عليه، ليصرخ صرخة مدوية هزّت أرجاء المكان».
ولم تكتف قوات الاحتلال بذلك، بل منعت مراراً سيارات الإسعاف من الوصول إلى عماد وإسعافه، فتعمّدت إطلاق النار على الطواقم الطبية. ووفقاً للبابا، فإنّ «عماد أصيب بعيار ناري ثقيل في ساقه الثانية خلال محاولات إسعافه».
وأضاف البابا، وقد بدا متأثراً للغاية من هول المشهد: «لقد رأيت ساق عماد وقد انفصلت بشكل كبير عن جسده»، مبيّناً أنّه ظلّ ينزف في المكان لنحو 20 دقيقة قبل أن يتوقف إطلاق النار للحظات وينجح أحد الشبان في سحبه إلى مكان أكثر أماناً خلف منزل سكني.
واستغلّ الصحافيّون المحاصرون توقف إطلاق النار، وجازفوا بالخروج من المكان، بعد نحو نصف ساعة من الرعب والإرهاب، ليقرّر بعدها البابا ومن معه مغادرة المكان كلياً. وقال: «بدا لنا أنّ المكان خطر جداً، ولن تحمينا ستراتنا الواقية أو كاميراتنا من قوات الاحتلال التي يعنيها تغييب الحقيقة».