واشنطن ـ الأخبار
كشفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في إحصائية جديدة لها، أن عدد المتعاقدين معها في العراق يزيد على 180 ألف موظف وعامل، ما يتجاوز عدد قوّات الاحتلال في بلاد الرافدين، التي تصل إلى نحو 160 ألف جندي، فيما يقول اختصاصيّو الطب النفسي إنّ الكثير من المتعاقدين العائدين من هذا البلد يعانون أمراضاً نفسية خطيرة بسبب عملهم في منطقة حرب.
ويتضمّن العدد الهائل من المتعاقدين الخاصين مع البنتاغون في العراق 21 ألف أميركي و43 ألف أجنبي و 118 ألف عراقي يقومون بكل الأعمال، من إعادة الإعمار إلى الأمن وصيانة أنظمة الأسلحة.
وتوضح الإحصائيات مدى اعتماد واشنطن على شركات المرتزقة المعروفة باسم «شركات الأمن الخاصة» لنشر احتلالها للعراق. ويقول الباحث في معهد «بروكينغز» الأميركي بيتر سينغر في هذا السياق إنّ «هذه الشركات ليست هي تحالف الراغبين في العراق, بل هي تحالف مقدّمي الفواتير».
ومن بين شركات المرتزقة الأبرز العاملة في العراق، نجد «كولاك للإنشاءات» التي تتخذ من تركيا مقراً لها، و«كي بي آر» المملوكة من شركة «هاليبرتون» للطاقة، و«برايم بروجيكتس أنترناشيونال» المتمركزة في دبي، وشركة «الخليج للتزويد الغذائي» التي تتخذ من السعودية مقراً لها، و«دينكورب» الأميركيّة في ولاية تكساس التي توفّر التدريب للشرطة العراقية, إضافة إلى 3 شركات للإتصالات تتخذ من نيويورك مقراً لها.
وتواجه سياسة «البنتاغون» في هذا المجال انتقادات شديدة سواء داخل الكونغرس أو الطبقة السياسية والعسكرية الأميركية. ويقول الجنرال الأميركي المتقاعد ويليام ناش «ليس لدينا سيطرة على كل حلف البنادق في العراق، وذلك يشكّل خطراً على بلادنا. فقد أصبح البنتاغون مؤسّسة تعاقد للمرتزقة».
ويبرّر قادة «البنتاغون» لجوءهم إلى المتعاقدين الخاصين بالقول إنّ ذلك يسمح للقوّات الأميركية بالتركيز على القتال بدلاً من المهمات الأخرى، حيث يرى نائب وكيل الدفاع الأميركي غاري موتسيك أنّ «السبب الوحيد لذلك هو دعم الجندي في حربه (في العراق)».
أمّا على صعيد الصدمات النفسيّة لدى العودة من ميدان القتال، فيشير الرئيس التنفيذي لمؤسسة «الخدمات النفسية الحرجة» في شيكاغو، بول براند، إن «دينكورب» تعاقدت معهم لعلاج عمّالها العائدين من العراق، ويقول «هؤلاء الناس يكافحون وساوسهم، ولا يعرفون كيفية التعامل مع حالتهم».
وفي السياق، بيّنت صحيفة «نيويورك تايمز» أنّ العمّال الأميركيين العائدين من العراق يروون قصصاً عن عذابهم النفسي، ناقلة عن ضابط الشرطة من ولاية ساوث داكوتا، تيت مولاري، الذي عمل مع «دينكورب» وتعرّض لجرح بليغ جرّاء انفجار قنبلة في الخريف الماضي في محافظة الأنبار، قوله بعد عودته إنّه «مسكون بالخوف الدائم» إلى حدّ أنّه توسّل أخاه أن يقتله.