strong>القـــوّة التنفـــيذية تحـــرس الشـــاطئ... لكـــن «لا أمـــان مئـــة فـــي المئـــة»
أصبح شاطئ غزة المكان الوحيد الذي يستطيع سكان القطاع قضاء العطلة الصيفية فيه، بعدما تحوّل عقب إغلاق جميع منافذه، إلى سجن كبير.
وقال رائد المصري من غزة (33 عاماً)، وهو موظف في السلطة الفلسطينية تلقّى راتبه أخيراً للمرة الاولى منذ 16 شهراً، «لا يوجد الا شاطئ البحر في قطاع غزة للترفيه عن النفس، لكنني لم أستطع احضار أولادي إلى البحر الا بعدما تسلمت راتبي».
وأضاف المصري، الذي جلس على رمال الشاطئ مع اسرته وإلى جانبه ابريق شاي وبعض الاشياء التي تم إعدادها في المنزل توفيراً لنفقات الرحلة، أن «مشوار البحر كلفني 25 شيكلاً (ما يقارب ستة دولارات) والبائعون هنا يحاولون استغلال الوضع ويرفعون الأسعار».
ورأى المصري، الذي اكتفى بتدخين النرجيلة، «لا أمان مئة في المئة لأنه حتى هذه اللحظة هناك حالات قتل، وهذا شيء لا يبعث على الأمان».
وينتشر بعض افراد القوة التنفيذية التابعة لـ «حماس» على الشاطئ. وأطلق أحد افرادها مساء أول من أمس رصاصة على شاب كان يجرّ حصانين لرفضه الانصياع لأوامرهم بمغادرة الشاطئ.
وينفّذ أفراد «التنفيذية» دوريات راجلة على الشاطئ ليلاً ونهاراً ويطلبون أحياناً من النساء عدم التبرج، علماً بأن معظم سكان غزة ملتزمون بالزي الإسلامي.
وقالت إنعام المصري (60 عاماً)، وهي تراقب أحد أحفادها يسبح قريباً من الشاطئ، «أخشى على حفيدي من الغرق لأنني لا أعوّل كثيراً على رجال الإنقاذ إذ إن عددهم قليل ولا يستطيعون الانتباه إلى كل الموجودين في المياه».
وتنتشر على شاطئ البحر العديد من أبراج المراقبة للمنقذين، لكنها تفتقر كثيراً إلى معدات الإنقاذ من الغرق.
وقالت إنعام إن شاطئ بحر غزة هو المنفذ الوحيد «خصوصاً بعد اغلاق المعابر بالرغم من عدم توفّر الأمان كلياً». وأضافت «كنت أنوي قضاء إجازة الصيف في مصر، لكن ما حدث بين حركتي فتح وحماس كان كبيراً».
وقالت أم أسامة (41 عاماً)، التي جلست على رمال شاطئ البحر ومنعت ابنتها آلاء البالغة من العمر عشرة أعوام من النزول الى المياه لعدم التأكّد من نظافتها، «لا أحب أن أنزل إلى البحر كثيراً بسبب خوفي من عدم نقائه، لكني أضطر إلى ذلك من أجل أطفالي رغم أن الامر يستغرق مني 30 دقيقة للوصول إلى هنا».
وقد اكتفت الفتاة الصغيرة بالجلوس على الشاطئ وبناء قصور من الرمل والحسرة في عينيها لعدم قدرتها على النزول الى المياه.
ويستمتع الأطفال بإطلاق الطائرات الورقية ذات الألوان الزاهية على الشاطئ. ويقول الطفل محمد، وهو يجلس على ظهر جمل على شاطئ البحر، «الوضع هنا جميل وأنا سعيد جداً لأن المنظر من هنا رائع».
وأخذت الطفلة ميادة شلبي (12 عاماً)، التي تشارك في مخيم صيفي تنظمه «الأونروا»، تغني وسط عشرات من الفتيات من عمرها اللاتي أخذن يصفقن ويرقصن حولها. وتقول ميادة «نريد أن نشعر بالسعادة بعيداً عن اجواء البيت الذي تسوده الكآبة، نريد أن نكسر الروتين الممل وخصوصاً بعد الفترة المأساوية التي مررنا بها اثناء فترة الاشتباكات بين حركتي فتح وحماس».
وأضافت شلبي، بنبرة خوف، «عندما كنت أغيّر ملابسي استعداداً لمغادرة البحر، شعرت بالخوف من طلقة رصاص تخترق جدران الغرفة، فاستعجلت وخرجت مسرعة حيث ينتابني دائماً هذا الشعور بعدم الأمان».
ويتخوّف سكان غزة من التوجّه إلى الشاطئ القريب من مواقع اسرائيلية، خشية تكرار مأساة عائلة الطفلة هدى غالية، التي فقدت والدها وأشقاءها إثر قذيفة اسرائيلية على شاطئ بحر شمال غزة العام الماضي.
ومع منع إسرائيل صيادي السمك في قطاع غزة من التوغل في البحر لمسافة بعيدة، عمد بعضهم الى تأجير مراكبهم للمواطنين للقيام برحلات بحرية قصيرة.
(ا ف ب)