موسكو ــ حبيب فوعاني
قبيل المرحلة المرتقبة للسياسة الروسية، التي من المفترض أن تكون متصلبة في إطار الدفاع الشرس عن مصالحها القومية، أعلن مصدر رفيع المستوى في مجلس الأمن القومي الروسي لوكالة «ريا نوفوستي» الروسية للأنباء، أمس، أن رئيس مجلس الأمن إيغور إيفانوف قدّم استقالته من منصبه كسكرتير للمجلس المذكور.
وأكد المصدر أن قرار إيفانوف غير مرتبط بالسياسة، نافياً وجود خطط لـ«إعادة هيكلة بنية جهاز المجلس»، الذي لم يعلق رسمياً على قرار الاستقالة حتى الآن.
وتضاربت الآراء حول الموعد الرسمي لتقديم الاستقالة، إذ قال مصدر في مجلس الأمن القومي الروسي لوكالة «إنترفاكس» إن إعلان سكرتير المجلس رسمياً عن استقالته سيتم في نهاية الأسبوع الجاري. ونوّه المصدر بأن إيفانوف «لا يعتزم الانتقال إلى وظيفة حكومية أخرى، بل يخطط لممارسة النشاط التدريسي والعلمي». إلا أن مصدراً آخر قال إن «ايفانوف أثار، قبل بضعة أشهر، مسألة مغادرة منصبه، وقبل أسبوعين تقدم بطلب استقالته».
وكان الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين قد عيّن إيفانوف وزيراً للخارجية في أيلول 1998، فيما عينه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سكرتيراً لمجلس الأمن القومي في 9 آذار عام 2004.
وساهم متشددو الكرملين في نشر مواد سلبية عن إيفانوف قبل تداول المعلومات عن استقالته، ذكّرت أنه صنيعة عائلة يلتسين الفاسدة، واتهمته بـ«خيانة المصالح القومية» الروسية، وخصوصاً في ما يتعلق بالعلاقات مع جورجيا، إذ وقف ضد فرض عقوبات قاسية على تبيليسي في ذروة الأزمة بين روسيا وجورجيا الخريف الماضي.
وكان مجلس الأمن القومي في التسعينات مركزاً مهماً لاتخاذ القرارات ووضع أسس السياسة الرئاسية الروسية، لكنه تحول في عهد إيفانوف إلى مركز تحليلي في مجال الأمن والدفاع. وفي الوقت الراهن، لا يشارك المجلس في حل الشؤون المهمة الداخلية والخارجية للدولة، والتي يتخذ بوتين قراراته بنفسه بشأنها، وذلك باستثناء ملف العلاقات الروسية ـــــ الجورجية والملف النووي الإيراني، اللذين كلف إيفانوف بمعالجتهما.
يذكر أن إيفانوف قام بزيارة إلى الولايات المتحدة، خيم عليها التعتيم الإعلامي، في بداية شهر كانون الأول من عام 2006، قبل إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً جديداً بشأن إيران. ويعتبره المراقبون الأب الروحي للتسوية مع واشنطن بشأن القرار 1737.
وفي حين يرى بعض المراقبين أن إيفانوف، الذي بقي غراباً أبيض بين رجال بوتين، سقط ضحية صراع الأجهزة الحكومية المتصاعدة على المناصب، التي ستصبح شاغرة بعد الانتخابات الرئاسية الروسية في آذار المقبل، لا يستبعد آخرون أن تكون استقالته متوافقة مع خطة الكرملين الجديدة بالمجيء بمسؤولين يلائمون المرحلة المرتقبة للسياسة الروسية، التي ستتميز بالتصلب على الصعيد الدولي، ما يتطلب دفاعاً شرساً عن المصالح القومية الروسية.