موسكو ــ حبيب فوعاني
يُعدّ اختيار مدينة «سوتشي» الروسية لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014 النصر العالمي الأوّل لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ويشير إلى الاعتراف الدولي بحقيقة تغلّب روسيا على الأزمات التي اجتاحتها في نهاية القرن الماضي. إذ ما من أحد سيعهد باستضافة الدورة الأولمبية إلى دولة يتعذّر التنبؤ بمستقبلها لكونها تعاني الضعف الاقتصادي والمؤسساتي ولا تستطيع أن تكفل نجاح الألعاب وأمن الرياضيين والمتفرجين.
وربما كان اختيار سوتشي عادياً، لو لم يجرِ بعد 3 أيام من لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الأميركي جورج بوش في مزرعة آل بوش قرب مدينة كينيبانكبورت في ولاية ماين الأميركية.
ورغم الحديث عن مهارة بوتين وعزمه على حصول بلده على شرف استضافة الألعاب، وأنه قد خطف «الأضواء الأولمبية» عندما تكلم أمام أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية باللغتين الإنكليزية والفرنسية، يبدو أن واشنطن، التي تريد استمالته لترك منصبه رئيساً للدولة عندما تنتهي مدة ولايته في العام المقبل، كانت لها الكلمة غير الأخيرة في فوز موسكو.
وكان المسؤولون الأميركيّون قد أعربوا في أحاديثهم الخاصّة عن رغبتهم برؤية نائب رئيس الوزراء الليبرالي ديميتري مدفيديف خلفاً لبوتين لا جنرال الاستخبارات السابق والنائب الأوّل لرئيس الوزراء سيرغي إيفانوف.
إلّا أنّ إيفانوف، هو الذي أعلن عن إمكان نشر صواريخ روسية مجهزة برؤوس حربية في جيب كالينينغراد الروسي على الحدود مع بولندا ودول البلطيق إذا لم يتخلّ الأميركيون عن نشر صواريخهم الاعتراضية في الأراضي البولندية ومحطة الرادار في تشيكيا.
ويرى بعض المراقبين أن اللعبة، التي أشار إليها بوتين في كينيبانكبورت، قد بدأت. إذ إن تصريحات إيفانوف، الذي يُعدّ من المرشّحين الأوفر حظاً للفوز بمنصب الرئاسة الروسية بعد انتهاء ولاية بوتين، هي رسالة موجهة إلى الأميركيين بأنّ عليهم عدم التعويل على خلفاء بوتين لتغيير السياسة الروسية.
كذلك تتضمّن الرسالة بقاء بوتين في السياسة الروسية حتّى لو تخلّى عن منصبه الرئاسي، ولن يبتعد عن السلطة بعد عام 2008، رغم إغراءات واشنطن له للتفرّغ للشؤون الرياضية، بل وللحصول على منصب مهم في اللجنة الأولمبية الدولية.
وعلى عكس ذلك، يبدو أن بوتين يستخدم الشأن الأولمبي في أهدافه السياسية. ولا تستبعد مصادر روسية أن يترأس بوتين في عام 2008 اللجنة الروسية المنظمة لأولمبياد 2014 بصفته رئيساً للوزراء، أو أن يعاد انتخابه رئيساً للدولة الروسية في عام 2012 قبل افتتاح الأولمبياد.