شهدت الجزائر أمس اعتداءً انتحارياً جديداً تبنّاه تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، أسفر عن سقوط 8 قتلى و20 جريحاً من العسكريّين، وذلك بالتزامن مع افتتاح الألعاب الرياضية الأفريقية التاسعة وبعد أسبوع من نداء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لتكثيف «مكافحة الإرهاب». وأعاد الاعتداء إلى أذهان الجزائريّين هجمات الـ 11 من نيسان الماضي، والتي استهدفت قصر الحكومة في قلب العاصمة ومركزي شرطة في شرقها وأسفرت عن مقتل 33 شخصاً، وحملت توقيع التنظيم الإسلامي نفسه.
وأفاد شهود عيان بأنّ انتحارياً في العقد الثالث من عمره نفّذ الهجوم بشاحنة مليئة بالمتفجّرات توجّه فيها بسرعة كبيرة نحو إحدى ثكن الجيش في بلدة الأخضرية التي تقع في منطقة جبلية حرجية وعرة المسالك على بعد مئة كيلومتر شرقي العاصمة، والتي كانت معقلاً للمجاهدين الجزائريين إبّان حرب تحرير الجزائر (1954ـــــ1962)، وتعدّ موقعاً استراتيجياً لحماية العاصمة.
وتستعدّ العاصمة، التي وُضعت في حالة استنفار، إلى الانطلاق في الألعاب الرياضية الأفريقية التاسعة بمشاركة 8 آلاف رياضي، حيث انتشر الآلاف من عناصر الشرطة منذ أيّام عديدة حول مواقع المباريات، في إطار الدعوة التي وجّهها بوتفليقة إلى تكثيف مكافحة الإرهاب «بلا هوادة» بمناسبة ذكرى الاستقلال في الخامس من الشهر الجاري.
وبسقوط القتلى التسعة في الأخضرية (التابعة لمحافظة البويرة)، ارتفع إلى نحو 50، بينهم 28 إسلامياً، عدد القتلى في أعمال العنف منذ مطلع الشهر الماضي، بحسب تعداد لوكالة «فرانس برس».
وقال وزير الداخلية الجزائري نور الدين بزيد زرهوني، للصحافيين، إنّ الهجوم الانتحاري لن يؤثّر على «مسار مكافحة الإرهاب». وأضاف «نأسف للخسائر التي وقعت لكن أؤكد أن مثل هذه العمليات لم تكن مستبعدة وهناك احتياطات تمّ اتّخاذها».
وفي السياق، توعّد «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي أنهى أمس جولة في المغرب العربي شملت الجزائر وتونس، إذا رفض الاعتذار عن «ماضي بلاده الاستعماري» في الجزائر.
وفي بيان نشر على شبكة الإنترنت، قال أمير «القاعدة في المغرب الإسلامي» أبو مصعب عبد الودود، إنّه «لا يزال بين فرنسا والمسلمين سور عازل من الجماجم والأشلاء وبحر متلاطم من الدموع والدماء». وأضاف أنّ «الدين الإسلامي الصحيح يرفض مصطلح الصداقة مع الكفّار»، في إشارة إلى اتفاقيّة الشراكة بين فرنسا والجزائر التي أُجّل التوقيع عليها بسبب رفض ساركوزي طلب الجزائر أن تعتذر فرنسا عن «جرائمها» خلال استعمارها للبلد المتوسّطي الذي امتدّ من عام 1830 حتّى عام 1962.
ووصف البيان، الذي حمل عنوان «لماذا نرفض معاهدة الصداقة مع فرنسا»، بوتفليقة بأنّه «عميل النصارى»، موضحاً أنّ «غرور فرنسا» جعلها ترتكب أخطاء أوقعته في حرج اضطره إلى «التريث في تنفيذ هذه الخيانة».
وتابع البيان بالإشارة إلى أنّ فرنسا لم تكتف بـ «السجل التاريخي الأسود»، بل باتت «تشارك أميركا في احتلال أفغانستان والتآمر على لبنان وغيرها من بلاد المسلمين».
في هذا الوقت، أعلنت الحكومتان الإسبانية والمغربية أوّل من أمس تعزيز إجراءات الرقابة على حركة انتقال المسافرين بين البلدين عبر مضيق جبل طارق تحسّباً لاعتداءات إرهابية محتملة.
وفي مؤتمر صحافي مشترك في مدريد، أوضح وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس والوزير المغربي المفوّض للشؤون الخارجية الطيب الفاسي الفهري، أنّ بلديهما قرّرا تعزيز الرقابة «مع ضمان انسيابية» حركة العبور في المضيق.
(أ ف ب، د ب أ، يو بي آي)