غزة ــ رائد لافي
كــــان المتّهــــم الأول بنظــــر قــــادة الجهــــاز في فــــوز الحركــــة ووصولهــــا إلى السلطــــة


كشفت وثيقة أمنية، حصلت عليها حركة «حماس» عقب هزيمة الأجهزة الأمنية وإحكام الحركة سيطرتها على القطاع في 14 حزيران الماضي، عن رقابة أمنية فرضها جهاز الأمن الوقائي على الرئيس محمود عباس داخلياً وخارجياً.
وبيّنت الوثيقة، التي نشرتها مواقع ومنتديات إلكترونية مقربة من حركة «حماس» على شبكة الإنترنت، أن الرقابة الأمنية على عباس شملت رصد جميع تحركاته واجتماعاته ومحادثاته أثناء زياراته لقطاع غزة وخارج فلسطين. وبحسب الوثيقة نفسها، ووثائق أمنية أخرى لم تنشر بعد، فإن الرقابة امتدت لترصد تفاصيل دقيقة متعلقة بالحياة الشخصية للرئيس عباس وأفراد أسرته.
ونشرت المواقع الإلكترونية تقريراً كتبه مندوب لجهاز الأمن الوقائي يشمل تحركات ومحادثات أبو مازن أثناء زيارته للعاصمة الأردنية عمان في شهر أيار من العام الماضي، لكنها لم تكشف على وجه التحديد طبيعة هذه المعلومات.
وأشارت مصادر في حركة «حماس» إلى أن جهاز الأمن الوقائي كان يضم دائرة تدعى «دائرة المحطات الخارجية»، تشمل مندوبين في عدد من الدول العربية والأجنبية، مشيرة إلى أن «بعض هؤلاء المندوبين تسهِّل عملهم السفارات الفلسطينية في البلدان الموجودين فيها، وترتبط مهامهم بمتابعة ما يتعلق بالشأن الفلسطيني في هذه البلدان لمصلحة جداول أعمال عميلة أو مهام أخرى عديدة توكل إليهم لحساب جهات أجنبية».
وقالت المصادر: «يبدو واضحاً من مراسلات داخلية شتى عثرت عليها حركة حماس داخل أروقة جهاز الأمن الوقائي، أنه كانت هناك ريبة دائمة وشك مستمر في تحركات أبو مازن، الذي حمله الجهاز مسؤولية الوضع الراهن»، مشيرة إلى أن عباس «كان المتهم الأول بنظر قادة الجهاز في فوز حركة حماس ووصولها إلى السلطة».
وأشارت وثائق أمنية أخرى إلى أن جهاز الأمن الوقائي عمل بشكل دؤوب ومستمر على إفشال أي محاولة للتقارب أو العمل المشترك بين مؤسستي الحكومة والرئاسة إبان الحكومة العاشرة لحركة «حماس».
وفي السياق، أشارت مصادر مسؤولة في حركة «حماس»، لـ«الأخبار»، إلى أن الحركة تعدّ لمؤتمر صحافي لكشف معلومات وصفتها بأنها «خطيرة»، تتعلّق بعمليات اغتيال تمت في قطاع غزة، وجرائم أخرى ارتبطت بقادة وعناصر في المؤسسة الأمنية.
وقالت المصادر نفسها إن الحركة تدرس حالياً جدوى الكشف عن هذه المعلومات قبل قدوم لجنة التحقيق العربية التي أقرتها جامعة الدول العربية، للتحقيق في أحداث غزة، أو في إطار هذه اللجنة، التي لا يزال الرئيس عباس وفريقه يرفضانها.
وأشارت المصادر إلى أن أهم جرائم عمليات الاغتيال التي تمتلك الحركة معلومات خطيرة عنها، هي اغتيال القائد العام لألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية، أبو يوسف القوقا، عبر وضع سيارة مفخخة في طريقه إلى أحد مساجد مدينة غزة قبل أكثر من عام.
وكانت المواقع الإلكترونية الموالية لحركة «حماس» شرعت خلال اليومين الماضيين، في كشف بعض الوثائق الأمنية التي عثر عليها في الأجهزة والمقار الأمنية عقب سقوطها في قبضة حركة «حماس» قبل نحو شهر.
وأظهرت الوثائق، التي وصفتها «حماس» بأنها «خطيرة جداً»، «تورّط قادة الأجهزة الأمنية السابقة بإعداد وتجهيز مرحلة جديدة من الفوضى والإجرام بحق أبناء حركة حماس والشعب الفلسطيني». وكشفت أن قيادة جهاز الأمن الوطني بشكل خاص «كانت تعدّ لمرحلة جديدة من الفوضى والقتل والإجرام في محاولة للقضاء على حركة حماس والانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية وعلى الشرعية الفلسطينية».
ونشرت الوثائق، التي كتب عليها «سريّة جداً»، «خطة للواء الأول في جهاز الأمن الوطني بالتجهيز لدورة جديدة من الفوضى ومسلسل جديد من جرائم القتل والفوضى الداخلية قبيل عملية السيطرة التي قامت بها كتائب القسام بيوم واحد أو يومين»، حيث تم تأريخ هذه الوثائق يوم 7 حزيران الماضي.
وكشفت الوثائق الصادرة باسم أمر عمليات «الرقم 10» في الكتيبة الأولى للأمن الوطني، أوامر صريحة وواضحة لقوات الأمن الوطني بالسيطرة على مباني للوزارة كمجمع الدوائر الحكومية الرئيس في مدينة غزة المعروف باسم «أبو خضرة»، واحتلال مباني وزارات ونصب كمائن للمجاهدين، واعتلاء لعدد كبير من الأبراج السكنية والسيطرة عليها عسكرياً.
كما تبين كيفية انتشار عناصر الأجهزة الأمنية وتأمين كامل السلاح والذخيرة والعتاد العسكري الثقيل وأجهزة اتصال بالقيادة وغرف العمليات المركزية التي أعدها اللواء الأول في جهاز الأمن الوطني بهدف السيطرة عسكرياً على غزة، «تطبيقاً لخطة (المنسق الأمني الأميركي للشرق الأوسط كيت) دايتون التي تهدف للقضاء على حركة حماس وإفشال حكومة الوحدة الوطنية».
وقالت مصادر إعلامية مقربة من «حماس» إنها حصلت على وثائق وأوامر إدارية تثبت تورط من سمتهم «قيادات التيار الخياني» في «فتح» «بإحراق وإتلاف وتعطيل محتويات المؤسسات الحكومية في قطاع غزة ونقل صلاحياتها إلى الضفة الغربية».
وتشير الوثيقة التي نشرتها المصادر ذاتها إلى تورط رئيس ديوان الموظفين جهاد حمدان (فصلته لاحقاً حركة «حماس»)، بمطالبة أحد الموظفين في الديوان بأن «يتلف أسطوانات وبيانات العمل ومنح الصلاحيات الكاملة للأخ (ج.ش) للتحكم في قاعدة بيانات الموظفين في السلطة الوطنية»، وأن حمدان طلب من الموظف ذاته بألا يغلق الأجهزة المركزية بعد ساعات الدوام الرسمية، حتى تنقل كل البيانات للضفة.