عاد الشاعر الفلسطيني محمود درويش، أمس، إلى سفح جبل الكرمل في حيفا، ليعلن أن «الشعب الفلسطيني البطل الذي استعصى على أعدائه استئصاله سيعرف كيف يضع حداً لجنون أبنائه»، في إشارة إلى اقتتال الإخوة في غزة. ووقف المواطنون العرب، الذين غصت بهم قاعة «الأوديتوريوم» في حيفا دقائق يصفقون، معبرين عن انفعالهم وتأثرهم بلقاء الشاعر الكبير، وقد أتوا من قرى ومدن الجليل لحضور هذه الأمسية التي سمحت له السلطات الإسرائيلية بإحيائها بعد أشهر من الانتظار.
وقال درويش مستهلاً اللقاء «سألوني ألا تخشى على حياتك في الكرمل؟ قلت لهم لا أتمنى نهاية أعلى وأجمل». وأضاف «نجحنا في أمر واحد، نجحنا في ألا نموت. لعل سلاماً ممكناً أن يحلّ على أرض سميت مجازاً أرض المحبة والسلام ولم تتمتع للحظة بالسلام».
وتحدث درويش عن ألمه جراء الاقتتال الداخلي الفلسطيني. فقال «... إلى أن صحوت من الغيبوبة على علم بلون واحد يسحق علماً بأربعة ألوان. على أسرى بلباس عسكري يسوقون أسرى عراة، فيا لنا من ضحايا في زي جلادين».
وأضاف درويش «الدولة الفلسطينية واحدة من عجائب الدنيا السبع، لأن الاحتلال يريدها هزيلة عليلة».
وقد حضر الأمسية نحو ألفي عربي ملأوا كل مقاعد القاعة. وللتعويض لمن لم يتسن لهم المشاركة، نصبت شاشات كبيرة في ساحات بعض القرى والمدن العربية لنقل وقائع الأمسية الشعرية، التي نقلتها كذلك قناة «الجزيرة» القطرية على قناتها للبث المباشر.
وألقى محمود درويش قصائد من شعره وسط تأثر الجمهور وتصفيقه، ومن مقتطفات ما قال «على هذه الأرض ما يستحق الحياة، تردد أبريل رائحة الخبز في الفجر، تعليلة امرأة للرجال، أول الحب وشم على حجر، وخوف الغزاة من الذكريات، ساعة الشمس في السجن، هتافات شعب لمن يصعدون الى حتفهم باسلين».
«على هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض أم البدايات أم النهايات كانت تسمى فلسطين، صارت تسمى فلسطين».
«سيدتي لأنك سيدتي أستحق الحياة، ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً، ونسرق من دودة القز خيطاً لنبني سماء لنا ونسيج الحديقة، ونزرع حيث أقمنا نباتاً سريع النمو وندفن حيث أقمنا قتيلاً، ونرسم فوق الممر صهيلاً ونكتب أسماءنا حجراً حجراً».
«سأقطع هذا الطريق الطويل الطويل إلى آخره، وإلى آخر القلب أقطع هذا الطريق الطويل، ولم أعد أخسر سوى الغبار وما مات مني، فلتخرجوا من رحيلكم لتدخلوا في رحيلي».
ووصفت المغنية الفنانة أمل مرقص مقدمة الأمسية بأنها «ليلة أجمل حب يمكن أن يمنحه شعب لابنه محمود درويش لعودته المؤقتة المؤثرة بين أحضان أهله، مثبتين أن هناك نبياً في وطنه».
وحيت الحضور وكل المشاهدين القابعين في بيوتهم يتابعون محمود درويش عبر شاشاتهم، وقالت «هذه الليلة جئناك لنحتمي بك من شر الفرقة لعل كل واحد يجد ذاته فيك».
(ا ف ب)