نص مترجم
يديعوت أحرونوت ــ رون بن يشاي

إن وضعاً يقف فيه كل زعماء المنطقة حيارى وضائعين، ويحاول كل منهم أن يبلور سياسة خاصة به، هو وضع خطر على معسكر جورج بوش. عندما كتب سلسلة المطالب للزعماء وأعلن عقد مؤتمر دولي، كان الرئيس الأميركي يريد القول: رغم الفشل في العراق، أنا رئيس دولة عظمى، ولم أرفع يدي عن الجهود المبذولة لحل الصراع.
لقد خلط احتلال «حماس» لقطاع غزة الأوراق، ليس فقط في الساحة الإسرائيلية ـــ الفلسطينية، بل في كل المنطقة. لا يوجد لدى أحد من اللاعبين الإقليميين أي تصور لكيفية حل الانقسام الذي نشأ في المعسكر الفلسطيني، والكل يخشى من نتائجه. لقد دخل الفلسطينيون في كآبة عميقة، والكثيرون منهم يائسون من إمكانية أن تكون لهم دولة. في إسرائيل، يتحدثون عن حماستان في غزة، وفتح لاند في الضفة، كوضع ثابت، وهناك سياسيون وأكاديميون في واشنطن والقدس، بدأوا في إزالة الغبار عن فكرة الكونفدرالية، بين الأردن والفلسطينيين. لكنهم اضطروا، بسبب خوف الملك الأردني وزعماء الدول المعتدلة، الى دعم مكانة أبو مازن في مؤتمر شرم الشيخ، حيث دعوا في الوقت نفسه إلى المصالحة مع «حماس». حتى إيران وسوريا، اللتان باركتا انتصار «حماس»، تدعوان الآن الى إعادة الوحدة للمعسكر الفلسطيني حتى لا يتضرر النضال الفلسطيني.
هذا هو الوضع الذي يقف فيه زعماء المنطقة حيارى ومترددين، وكل واحد منهم يحاول أن يبلور لنفسه سياسة فلسطينية خاصة به، ويُعرِّض وحدة المعسكر الموالي للغرب في الشرق الأوسط الى الخطر. لا يمكن أن يسمح بوش، الذي هو بحاجة الآن الى كل غرام ودعم ومساعدة ممكنة من الأنظمة الموالية للغرب في المنطقة، لنفسه بحدوث تصدعات في معسكره. الخلافات مع وبين زعماء المنطقة بخصوص المسألة الفلسطينية من شأنها أن تضر به لاحقاً في العراق، وعندما تحين لحظة الاختبار أيضاً مع إيران.
سارع الرئيس الأميركي أمس الى إلقاء الخطاب، راسماً خطوطاً واضحة لمعالجة الوضع الذي نشأ في الساحة الفلسطينية. لم يكن هذا الخطاب فكرة ارتجالية. فقد تريث صانعو السياسة في واشنطن أسابيع وتشاوروا مع زعماء المنطقة والرباعية، وبلوروا سياسة ستؤدي حسب تقديرهم الى نتيجتين: الأولى مقبولة لكل اللاعبين في المنطقة (باستثناء إيران وسوريا)، وتمكنهم من العمل معاً من أجل تحقيق أهداف وغايات واضحة. والثانية، سحب المشروعية الدولية عن «حماس»، وتقوية مكانة أبو مازن.
ثمة هدف آخر لخطاب بوش، هو تقوية مكانة الرئيس الأميركي كزعيم في الساحة الشرق أوسطية وفي الساحة الأميركية الداخلية. فقد كانت هذه فرصة لأن يُظهر للكونغرس، وأيضاً لزعماء المنطقة ـــ أن الولايات المتحدة، رغم فشلها في العراق، هي القوة العظمى العالمية والإقليمية الأولى وأن رئيسها لا يتردد في تحديد الخطوط الموجهة الواضحة التي من شأنها أن تقوّم الجميع.
الخطاب نفسه لم يحتوِ على الكثير من الأمور الجديدة، سوى الإعلان عن المؤتمر الإقليمي الذي ستعقده الولايات المتحدة في الخريف، حول الصراع الإسرائيلي العربي. إن الإعلان نفسه عن عقد المؤتمر هدفه الإشارة الى أن بوش في سنته الأخيرة كرئيس، لا ينوي رفع يديه والتراجع عن جهوده الساعية إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي ـــ العربي.