strong>وعد بـ«توسيع المشاركة السياسية» وحمّل «الضغوط» الخارجية مسؤولية «إعاقة» الإصلاح
حدّد الرئيس السوري بشار الأسد، خلال تأديته اليمين الدستورية لولايته الرئاسية الثانية أمس، شروطه لاستئناف المحادثات مع إسرائيل، التي طالبها بـ«وديعة» مشابهة لـ«وديعة رابين»، تضمن استعادة الأرض قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وكان لافتاً غياب لبنان عن كلمة الرئيس السوري، الذي أشار إلى الوضع في هذا البلد، من دون تسميته، عندما قال إن «مسؤولاً أجنبياً يسألنا: أنا أريد أن آتي إلى سوريا ولكن ماذا ستقدمون إلينا لأعود إلى بلادي كبطل»؟، مشدّداً على أن «لا جوائز ترضية تقدمها سوريا، وليس لدينا سوى الحوار». وأشار إلى «التناقض» الحاصل على صعيد التعاطي الدولي مع دمشق، إذ إن «بيانات مجلس الأمن تطالب سوريا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بينما يطلب منا كل من يأتي إلى سوريا التدخل».
وقال الأسد، في كلمته، إن «المطلوب من الإسرائيليين أن يصدروا إعلاناً رسمياً وواضحاً وغير ملتبس عن رغبتهم في السلام ... وأن يقدموا ضمانات بعودة الأرض كاملة، لأننا لا نريد الدخول في مفاوضات لا نعرف ماهيتها». وأضاف إن هذه الضمانات يمكن أن تكون على «طريقة وديعة (إسحق) رابين، أي تكون شيئاً مكتوباً».
وأضاف الرئيس السوري :«نريد شيئاً مكتوباً كما حصل في التسعينيات أيام رابين، لأنه بهذه الطريقة انطلقت عملية السلام في التسعينيات»، موضحاً أنه «عندها يمكن أن تكون هناك أقنية عبر طرف ثالث، لنأتي بعدها الى المفاوضات التي نصرّ على أن تكون مفاوضات مباشرة وعلنية بوجود راعٍ نزيه».
وكشف الأسد عن أن «هناك طرفاً ثالثاً نثق به جداً قام باتصالات في الأسابيع الماضية، فقلنا له الكلام نفسه، وكيف يمكن إيهود أولمرت (رئيس حكومة إسرائيل) أن يقول إنه يريد السلام ولا يتحدث عن الأرض؟ وإذا لم يكن قادراً على الكلام عن إعادة الأرض كاملة، فليفعل كما فعل رابين عندما قدّم الوديعة».
ورفض الأسد إمكان ذهاب أي مسؤول سوري إلى إسرائيل أو لقائه مسؤولين إسرائيليين. وقال «أبعد شيء يمكن أن نصل إليه هو أن نلتقي في هذه الدولة الوسيطة إذا كانوا يريدون التواصل، ولكن لن نقوم بأكثر ... وعندها سنشرح للشعب السوري صراحة ما يجري ولو بالخطوط العامة لنعطيكم لاحقاً التفاصيل».
وأضاف :«موقفنا ثابت ولسنا مع مفاوضات سرية ولا نريد إخفاء أي شيء عن الشعب».
ورفض الأسد ما يتردد عن فكرة «استئناف المفاوضات مع إسرائيل لتخفيف الضغوط الأميركية» على البلاد، قائلاً «نحن نعيش وفقاً لمصالحنا».
وفي إشارة إلى دعوة الرئيس الأميركي جورج بوش لعقد مؤتمر سلام في الخريف المقبل، قال الأسد: «قرأت أن الرئيس الأميركي تحدث عن توجهه للعمل من أجل مؤتمر للسلام. نتمنى أن يكون هذا الكلام فعلياً وليس مجرد كلام». ورأى أنه «شيء عظيم وإيجابي» التحول الذي أظهره بعض الأميركيين الذين قدموا إلى سوريا على صعيد «إيمانهم بضرورة السلام بين سوريا وإسرائيل، وذلك بعدما كانوا من مناصري إسرائيل حتى في الحرب».
وبالنسبة إلى العراق، دعا الرئيس السوري إلى «تحقيق المصالحة الوطنية بمشاركة جميع العراقيين على أساس وضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال».
وعن القضية الفلسطينية، أعرب الأسد عن الأمل في أن «يتم اللقاء بين الأشقاء الفلسطينيين على مشروع وطني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، مؤكداً «استعداد سوريا للقيام بواجبها وبذل كل جهد ممكن مع الأشقاء من أجل الوصول إلى هذه الغاية».
ورأى الأسد أن «عام 2007 هو عام مصيري، وأن الأشهر الباقية من هذا العام ستحدد مصير ومستقبل المنطقة، وربما العالم كله». وأضاف «إن الضغوط الشديدة التي مورست على بلادنا ومحاولة التدخل في شؤوننا الداخلية بهدف كسر إرادتنا ودفعنا للتخلي عن حقوقنا وثوابتنا اضطرتنا إلى إعادة ترتيب العديد من أولوياتنا وتعبئة الكثير من مواردنا في سبيل مواجهتها، وقد تحمّل مواطننا العبء الأكبر والمباشر فيها، وقدّم بصبر وعزيمة كل ما لديه في سبيل رفعة وطنه».
وخصّص الرئيس السوري القسم الأكبر من خطابه للجانب الداخلي. وأكد أن العمل جارٍ على «إنجاز عدد من الخطوات التطويرية في مقدمتها إصدار قانون للأحزاب السياسية يعزز المشاركة السياسية، وتشكيل مجلس للشورى للإسهام في العملية التشريعية وتوسيع دائرة اتخاذ القرار، وتطوير قانون الإدارة المحلية باتجاه لا مركزي». وتحدّث عن «تطوير تجربتنا الديموقراطية وتوسيع المشاركة السياسية وتطوير ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية»، معتبراً أن «هناك ظروفاً عديدة أعاقت تحقيق بعض الإنجازات السياسية وسط الفوضى العارمة التي يصدّرها البعض إلى وطننا».
كما تطرق الأسد إلى محاربة الفساد، مشيراً إلى أنها «تحتاج الى آليات ناجعة وشاملة تمتد إلى تحسين آليات المراقبة وتطوير الإعلام والمشاركة المجتمعية الى الأمام»، مؤكداً أن العقوبة والمحاسبة هما آلية مهمة لكنها ليست كافية.
ودعا الرئيس السوري إلى «إيلاء اللغة العربية المرتبطة بالتاريخ والثقافة كل الاهتمام والرعاية كي تعيش في مناهجنا وإعلامنا وتعليمنا كائناً حياً ينمو ويتطور ويزدهر ويكون في المكانة التي يستحقها جوهراً لانتمائنا القومي».
كما وعد باتخاذ إجراءات ملموسة لإعطاء الجنسية السورية لأعداد من الأكراد، الذين يعيشون، خصوصاً، في القسم الشمالي من البلاد. وقال: «هناك إجماع في سوريا على ضرورة تسوية مسألة إحصاء عام1962»، في إشارة إلى أكراد لم ترد أسماؤهم خلال الإحصاء الذي أجري في تلك السنة، وبالتالي حرموا الحصول على الجنسية السورية.
وفي تعليق إسرائيلي على خطاب الأسد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك ريغيف إن «تأييد سوريا لأعداء إسرائيل يقف حجر عثرة في طريق محادثات السلام». وأضاف «إن المشكلة تكمن في أن سوريا هي البلد العربي الوحيد الذي له شراكة استراتيجية مع إيران، وهي البلد العربي الوحيد الذي بنى علاقات تعاونية مع جماعات متشددة مثل حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي». وتابع: «من الصعب كثيراً أخذ القيادة السورية على محمل الجد بوصفها شريكاً موثوقاً به في السلام».
(سانا، أ ف ب، يو بي آي)