strong>حذّر تقرير جديد للاستخبارات الأميركيّة، سُرّبت مقتطفات منه أمس، من الخطر المتنامي لتنظيم «القاعدة»، الذي «سيرفع من إمكاناته في العراق إلى مستوى يخوّله ضرب الأميركيّين على أرضهم»، ومن «إرهاب حزب الله» الذي، إن «شعر بزيادة الضغوط الأميركيّة على رافده إيران»، فلن يتورّع عن «التفكير في ضربات داخل الولايات المتّحدة»عمدت الاستخبارات الأميركيّة إلى التذكير، في تقاريرها التي صدرت منذ هجمات 11 أيلول عام 2001، بـ«خطر إرهابي محدق»، استطاعت، على حدّ تعبيرها، رصد بعض حلقاته في العراق وأفغانستان، تذكير تعتمد عليه إدارة الرئيس جورج بوش للتغطية على سياساتها، التي اتّضح فشلها في «مكافحة الإرهاب في معاقله»، من خلال التلويح بارتفاع قدرة «الإرهابيّين» على ضربها على أراضيها.
معادلة تضمّنها التقرير الصادر أمس، وهو عبارة عن خلاصة دراسات أجراها 16 مركزاً استخبارياً تابعاً للحكومة الأميركيّة. وهو يركّز تحديداً، إلى جانب إشارته إلى حزب الله والتنظيمات غير الإسلاميّة كمشكّلين لـ «أخطار دائمة ومتطوّرة» لبلاد العمّ سام، على «القاعدة» وزعيمه أسامة بن لادن، وخصوصاً «فرعه الأوضح والأكثر قدرةً» في العراق «الذي لم يمثّل حتّى الآن (بعد 11 أيلول 2001) تهديداً مباشراً على أراضي الولايات المتّحدة، إلّا أنّه قد يصبح مشكلة كبيرةً هناك».
ويوضح المحلّلون، الذين وضعوا الوثيقة الاستخباريّة، أنّ الخوف من «القاعدة» في العراق ناتج من سببين: الأوّل، هو إعراب التنظيم الإسلامي عن نيّاته «ضرب أميركا في معقلها». والثاني، قدرته على تنشيط المجموعات الإسلاميّة السنيّة في العالم وبالتالي زيادة رصيده البشري وموارده الماديّة.
وفي السياق، يقول التقرير إنّ جهود مكافحة الإرهاب العالمي منذ عام 2001، استطاعت تقويض قدرة «القاعدة» على ضرب الأراضي الأميركيّة. إلّا أنّه يضيف إنّ المحلّلين قلقون من وهن هذا المستوى من التعاون الدولي مع مرور الزمن على هجمات نيويورك وواشنطن.
ومن المحتمل، بحسب الوثيقة نفسها، أن يستمرّ «القاعدة» في التركيز على أهداف سياسيّة واقتصاديّة بالغة الأهميّة إلى جانب استهداف البنية التحتيّة الأميركيّة، لإحداث خسائر ضخمة وتدمير دراماتيكي واضح وصدمات اقتصاديّة وخوف، وذلك من خلال استخدام الأسلحة الخفيفة التقليديّة وأنظمة التفجير المبتكرة وسعيه إلى بلورة خطط جديدة لتخطّي أنظمة الأمن وعوائقها.
نقطة أخرى تثير مخاوف قياديّي الاستخبارات الأميركيّة، وهي نجاح «القاعدة» في إعادة امتلاك القدرات اللازمة لشنّ الهجمات، وذلك في «البيئة الآمنة» التي حظي بها عناصره، وخصوصاً ضبّاطه ومديري التخطيط فيه، في منطقة القبائل الباكستانيّة.
وكان سياسيّون أميركيّون قد حذّروا مراراً من خطر الاتّفاق بين الحكومة الباكستانيّة وزعماء القبائل، الذي أمّن، على حدّ زعمهم، لعناصر «القاعدة» تدريبات ميدانيّة تمت بحريّة على مدى الأشهر العشرة الماضية.
كما تحذّر الاستخبارات من سعي «القاعدة» الدائم إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، عبر المواد الكيميائيّة والبيولوجيّة والنوويّة، ومن عدم تردّده في استعمالها.
ويركّز التقرير على انتشار الأفكار الإسلاميّة المتطرّفة، وخصوصاً على شبكة الإنترنت، «ما يزيد من التوجّهات المعادية للأميركيّين» المنتشرة في أوساط الخلايا الإرهابيّة في البلدان الغربيّة «وإن كانت التهديدات التي تمثّلها في الولايات المتّحدة أقلّ منها في البلدان الأوروبيّة». وفي ما يخصّ حزب الله، يلفت التقرير إلى أنّه من المتوقّع أن يزيد التنظيم اللبناني «الذي اشتهر تاريخياً بضرب المصالح الأميركيّة الخارجيّة»، من تفكيره في ضرب الولايات المتّحدة في معقلها، «وخصوصاً إذا ازدادت التهديدات الأميركيّة لإيران»، التي عبّرت عنها في الفترة الأخيرة حركة حاملات الطائرات الكثيفة في الخليج العربي والمناورات التي تجريها.
إلى ذلك، يلفت التقرير إلى احتمال قيام المجموعات غير الإسلاميّة بهجمات على الأراضي الأميركيّة خلال السنوات المقبلة، وإن بمقاييس أخفّ قوّة، من دون أن يحدّد تنظيمات بعينها، إلّا أنّ «مكتب التحقيقات الاتحادي» (أف بي آي) يورد في هذا السياق، «جبهة تحرير الأرض» ومثيلاتها.
وأعاد تقويم «خطر القاعدة الجديد على الولايات المتّحدة»، الذي كان أشدّ ما ركّزت عليه الوثيقة، واشنطن إلى حلبة الجدال حول مدى نجاح إدراة بوش في «محاربة الإرهاب» في أفغانستان والعراق. إلّا أنّ المنتقدين يوضحون أنّ «وثيقة تبرز خطر الإرهاب المتزايد تعكس السياسات الخاطئة لمكافحته».
(أ ب)