في وقت دخلت فيه التحضيرات للانتخابات العامّة في تركيا يومها الأخير أمس، بدا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مستعداً للعودة إلى السلطة ولا شيء يدور في رأسه سوى سؤال واحد: ما حجم الغالبيّة التي سيفوز بها حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يتزعمه؟ وخصوصاً بعد حسمه مسألة كيفيّة التعاطي مع التمرّد الكردي على الحدود العراقيّة من خلال فرضيّة «الخيارات كلّها مطروحة» بعد الانتخابات، وبينها طبعاً غزو للأراضي العراقيّة للحدّ من النفوذ العسكري لعناصر «حزب العمّال الكردستاني».ففي ظلّ الانتشار العسكري الواسع لقوّات تركيا (200 ألف جندي) على حدودها الجنوبيّة الشرقيّة المحاذية لكردستان العراق، هدّد أردوغان بأنّ «أيّ خيار متاح (للتعاطي مع المتمرّدين الأكراد)، ومهما كان ضرورياً نستطيع اتّخاذه مباشرة، ونحن قادرون كفاية على ذلك». وأوضح أردوغان، الذي ترجّح الاستطلاعات سيطرة حزبه على السلطة بعد الانتخابات النيابيّة غداً، أنّ الاجتماع الذي سيجمعه مع نظيره العراقي نوري المالكي في إطار جهود اللجنة الأميركيّة ـــــ التركيّة ـــــ العراقيّة لمعالجة قضيّة الأكراد، سيحدّد التدابير اللازمة ضدّ «العمّال الكردستاني».
وفيما يحتاج غزو الأراضي العراقيّة إلى موافقة برلمانيّة، يبدو أنّ تهديدات أردوغان، في حال فشل محادثاته مع المالكي والجانب الأميركي، ستكون موضع تطبيق، وخصوصاً أنّ الحزبين المتوقّع نيلهما مقاعد في المجلس النيابي بعد «العدالة والتنمية»، وهما «حزب الشعب الجمهوري» و«حزب الحركة الوطنيّة»، يؤيّدان إجراءً مماثلاً، أكّد الجيش التركي، على لسان قائده يسار بويوكانيت، مراراً دعمه له.
وفي ملف الانتخابات، التي دُعي إليها بعد جدال حادّ في البلاد على وقع رفض المؤسّسات العلمانيّة ترشيح وزير الخارجيّة عبد الله غول للرئاسة، فقد استطاع حزب أردوغان، من خلال تنظيم حملته على النمو الاقتصادي القوي وشعار «الحكومة لم تكمل سوى نصف عملها»، تعزيز الدعم الذي حازه وإبعاد مخاوف عزمه تدمير الطبيعة العلمانية للدولة عن كاهله.
إلّا أنّ يوم أمس شهد تحوّلا في الخطاب السياسي إلى اتّهامات شخصية تبادلها أبرز المتنافسين، حين تهجّم زعيم «الشعب الجمهوري» دنيز بايكال على أردوغان في شأن الواردات الماليّة لابنه البكر أحمد بوراك (28 عاماً)، الذي انطلق، بدعم مالي من صديق سابق لوالده، في مجال النقل البحري عبر شراء سفينة بمبلغ 2.1 مليون دولار.
وردّاً على تساؤل عن مصدر هذه الأموال، حاول أردوغان التخفيف من أهميّة الموضوع، مشدّداً على أنّه تمّ شراء المركب بقرض مصرفي منح لأحمد بوراك وشريكه.
ودافع رئيس الوزراء عن حق ابنه في خوض مجال الأعمال وسأل «ما دام يستطيع تشغيله وتسديد ثمنه في بضع سنوات، فلم لا يحقّ له شراؤه؟»، طالباً من خصمه الأساسي تقديم كشوف حسابات مصرفيّة لزوجته وأولاده.
ولم يمنع هذا الردّ بايكال من شن هجوم جديد والسؤال عن قدرة شاب في هذه السن، ومن دون الاستعانة بوالده، على الحصول على هذا المبلغ ليشتري سفينة طولها 96 متراً، أي «كبيرة إلى درجة قد تتّسع لـ200 شاحنة كبيرة». وقال، لقناة «أن تي في» التلفزيونية التركيّة، «إذا كان ابن رئيس وزراء يزعم محاربة الفساد تمكّن من شراء سفينة بملايين الدولارات، فطبيعي أن يصبح ذلك من موضوعات الحملة الانتخابية؟ فأيّ مصرّف منح هذا القرض؟».
من جهة أخرى، اتّهمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال زيارتها إلى أثينا أمس، أنقرة بأنّها لا تحترم حتّى الآن التزاماتها تجاه الاتحاد الأوروبي في شأن الاعتراف بقبرص، الدولة العضو في الاتحاد.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)