strong>الأكراد يأمــلون نقــل قضيتــهم مــن ساحــات القتــال إلــى البــرلمان
بنتائج جاءت أفضل من المتوقّع، منح الناخبون الأتراك حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم تفويضاً لإكمال مسيرته، بعد انتخابات تشريعيّة جاءت الدعوة إليها قبل موعدها، عقب منع المؤسّسة العلمانيّة، التي يعدّ الجيش أبرز أعمدتها، رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان من إيصال وزير خارجيته الإسلامي عبد الله غول إلى سدة الرئاسة.
وفي ظلّ اتّهام الأحزاب المعارضة لغول بالسعي إلى تفتيت مبدأ «فصل الدين عن الدولة» في بلد إسلامي يعدّ معبر التوازن بين أوروبا والشرق الأوسط، ستنطلق الحكومة الجديدة التي يحتمل أن تؤلّف بأحاديّة مطلقة، نحو معركة تحكمها طموحات كثيرة أساسها مسألة تعديل الدستور في البرلمان.
وفي تعليق على النتائج، قال المسؤول الرفيع المستوى في «العدالة والتنمية» صالح كابوسوز «من الواضح أننا سنكون في السلطة بمفردنا، وأن استقرار تركيا سيستمر».
هذا الموقف عبّر عنه غول خلال إدلائه، وزوجته إيمان المحجّبة، بصوتهما في دائرة أوسكودار المحافظة في اسطنبول، حين شدّد على أنّ «ديموقراطيّتنا ستخرج من هذه الانتخابات معززة».
وناشد أردوغان، في حديث إلى وكالة أنباء «دوغان»، أبناء بلاده تمتين «الوحدة الوطنيّة». وقال «نحن المطالبون الأشدّ بنظام ديموقراطي وبدولة يحكمها القانون، لذا أدعو جميع الزعماء (السياسيّين) إلى عدم إغلاق أبوابهم كي نجلس حول طاولة حوار ونبحث مشاكل ديموقراطيّتنا».
وفي كنف نظام يتبنّى إلزاميّة التصويت، توجّه أكثر من 80 في المئة من الناخبين الأتراك البالغ عددهم الإجمالي 43 مليون ناخب من أصل 74 مليون نسمة، للتجديد لقيادة أردوغان، الذي ينفي وجود أي برنامج إسلامي، والتي حققت نمواً اقتصادياً قوياً وأدّت إلى تراجع في معدّل التضخم منذ تولّي «العدالة والتنمية» السلطة عام 2002، داخل زوبعة أزمة اقتصاديّة.
وخلال حملته الانتخابيّة، تعهّد غول بالمزيد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الضرورية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من الشكوك في شأن ما إذا كان هذا التكتّل سيسمح لأنقرة بالحصول على عضويّته، وفي ظلّ شكّ يساور القوميين في شأن مساعي الانضمام.
ونُسب إلى رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانويل باروزو، قوله، أمس، إنّ تركيا ليست مستعدّة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلّا أنّه «ينبغي السماح بمواصلة محادثات انضمامها».
وأمام الحكومة المقبلة أن تقرّر إن كانت سترسل الجيش إلى شمال العراق لـ«سحق المتمرّدين الأكراد» هناك، وهي الخطوة التي تقلق الولايات المتحدة بشكل متزايد.
في هذا السياق، ومن خلال ترشّحهم كمستقلّين، يهدف أعضاء الحزب الرئيسي المؤيّد للأكراد في تركيا، وهو حزب «المجتمع الديموقراطي»، إلى الالتفاف على نسبة الـ10 في المئة التي يتعيّن على الأحزاب الحصول عليها من أجل دخول البرلمان؛ فباعتبارهم مستقلّين يمكن انتخابهم على أساس إقليمي بحت، في الجنوب الشرقي.
ويريد الأكراد، الذين يمثّلون 15 مليون نسمةً من الشعب التركي، أن يكونوا قادرين على دراسة اللغة الكردية في المدارس الحكومية، كما يريدون أن يكون الموظفون العموميون في منطقتهم بمن فيهم الأطبّاء ورجال الشرطة قادرين على التحدّث بها.
ويأمل الأكراد أن ينقلوا معركتهم من أجل المزيد من الحقوق الثقافية والسياسية إلى البرلمان، ومن ثم يمكنهم وقف العنف، الدائر بين حزب «العمّال الكردستاني» والدولة التركيّة منذ عام 1984، الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 30 ألف كردي، وسقوط أكثر من 200 جندي تركي في مواجهات وتفجيرات مختلفة منذ بداية العام الجاري.
وفي حديث إلى وكالة «رويترز»، قال المرشّح عن مدينة ديار بكر ذات الغالبيّة التركيّة، صلاح الدين ديمرتاس «علينا أن نوقف الحرب ولا يمكننا أن نوقف القتال إلّا بحلّ المشكلة الكردية». وأضاف «إذا أمكننا أن نحل المشكلة وانتهت الحرب، فسيزيد التوظيف والاستثمار في المدينة».
ولم يخلُ النهار الانتخابي من أعمال العنف، حيث أفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية أنّ 17 شخصاً جرحوا في أحداث وقعت في مراكز اقتراع مختلفة، فيما أبدى كثير من ذوي الأصول التركية الذين يعيشون في ألمانيا والبالغ عددهم 2.7 مليون نسمة سخطهم بسبب عدم السماح لهم بالتصويت في الانتخابات، بناءً على رفض أنقرة لرعاياها في الخارج المشاركة في الانتخابات على الرغم من أنّ التصويت إجباري داخل البلاد.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)