strong>«العدالة والتنمية» يحصد 61.81% من مقاعد البرلمان ويلمّح إلى تمسّكه بترشيح غول
حاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس، غداة الفوز الكاسح الذي حقّقه حزبه «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية، تهدئة أجواء الترقّب المتعلّقة بالاستحقاق الأوّل للبرلمان الجديد، من خلال إعرابه عن اعتقاده بأنّ الخلاف بشأن المنافسة على منصب رئيس البلاد «يمكن حسمه من دون توترات»، في ظلّ أجواء تفيد بأنّ وزير الخارجيّة عبد الله غول لا يزال المرشّح الأوّل للحزب الإسلامي المنتشي بالنصر، إلى هذا المنصب.
وقال أردوغان، في مؤتمر صحافي أعقب لقاءه مع الرئيس العلماني للبلاد المنتهية ولايته أحمدت نجدت سيزر قدّم فيه الاستقالة الشكليّة للحكومة وكُلّف بتأليف أخرى، إنّه سيبحث مع غول في ما إذا كان سيظل مرشحاً عن «العدالة والتنمية» لمنصب الرئاسة، بعدما سبّب ترشيحه في نيسان الماضي دخول تركيا في أزمة سياسيّة أساسها اعتراض الصفوة العلمانية صاحبة النفوذ، بمن فيها الجيش، على تاريخه الإسلامي.
وفيما أعرب أردوغان عن أنّ «رغبة غول نفسه وأفكاره مهمة جداً بالنسبة لي»، شدّد وزير الدولة عن «العدالة والتنمية» بيسير عطالاي على أنّ غول «لا يزال المرشّح الأنسب لتولّي الرئاسة»، وهو ما قد ينبئ بجولة جديدة من الجدل الدستوري، انتهت سابقتها باشتراط المحكمة الدستوريّة حضور ثلثي النوّاب جلسة انتخاب رئيس الدولة لتصبح قانونيّة، الأمر الذي أعاق تحقيق أجندة أردوغان بإيصال غول إلى الرئاسة بعد انتهاء ولاية سيزر في أيّار الماضي.
وأفاد أردوغان بأنّه أجرى مكالمة هاتفية قصيرة مع زعيم «حزب الشعب الجمهوري»، دنيز بايكال، الذي يُعدّ الخاسر الأكبر في الانتخابات، على الرغم من حصول حزبه الاجتماعي الديموقراطي، ويمثّل أبرز أحزاب المعارضة، على 20.8 في المئة من الأصوات.
وطبقاً للنتائج غير النهائيّة، فإنّ فوز «العدالة والتنمية» بـ 46.6 في المئة من أصوات الناخبين الأتراك، وهو أداء لافت لأيّ حزب في تركيا منذ عام 1969، مكّنه من حصد340 مقعداً نيابيّاً، وهو ما يمثّل نسبة 61.81 في المئة من عدد المقاعد الكلّي البالغ 550، أي أقلّ من نسبة الثلثين اللازمة لعقد جلسة انتخابيّة لرئيس البلاد.
وانعكس التجديد لنهج أردوغان، المشجّع لرجال الأعمال واللبراليّة، على أسواق المال، التي رحّبت بالنتائج، وسجّلت الليرة التركية المستوى الأعلى لها أمام الدولار منذ أكثر من عامين مثلما ارتفعت أسعار الأسهم والسندات.
وفي تل أبيب، تداخلت ردود الفعل الإسرائيلية على نتائج الانتخابات التركية بين الشعور بالرضى إزاء فوز «العدالة والتنمية»، الذي أوصل خلال فترة حكمه السابقة العلاقات بين الدولتين إلى مستويات غير مسبوقة، وبين القلق من عملية الأسلمة التي تمر بها تركيا.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية قولها إنّه لكون حزب أردوغان بالذات ذا جذور إسلامية، فقد «حاول على مدى السنوات الماضية إثبات أنّ علاقاته طيبة مع إسرائيل، كي يبدد المخاوف من أنّه متطرف».
وأعربت المصادر نفسها عن خشيتها من سيناريو يضطر فيه «العدالة والتنمية» إلى أن يضم إلى الائتلاف حزب اليمين المتطرف، «الحركة الوطنية» المعادية لإسرائيل، فيضطر عندها الى تبريد العلاقات مع إسرائيل.
وفي السياق، أشاد البيت الأبيض بالانتخابات التركية، ووصفها بأنّها «حرة ونزيهة». ورداً على سؤال عن هواجس واشنطن من رفض الجيش التركي للنتائج، قال المتحدث باسمه طوني سنو «لن أدخل في مسألة كهذه. ولا دليل على ذلك».
كذلك أعرب رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون عن أمله أن يسهم فوز «العدالة والتنمية» في تحقيق «تقارب بين أوروبا وتركيا». وقال، في مؤتمر صحافي، «آمل أن تتمكّن الحكومة المقبلة من إنجاز برنامج الإصلاحات الذي ندعمه ونشجعه».
وفيما عبّرت فرنسا عن رغبتها في أن تواصل أنقرة الإصلاحات لتتمكن من الوصول الى «شراكة مميزة» مع الاتحاد الاوروبي، في ظلّ معارضة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انضمام تركيا إلى الاتحاد، حثّ الأخير أردوغان على مواصلة الإصلاحات السياسية والالتزام «بالقيم» الأوروبية.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانويل باروسو في بروكسل، إنّ نجاح «العدالة والتنمية» يأتي في «لحظة مهمة لشعب تركيا في الوقت الذي تمضي فيه البلاد قدماً في إصلاحات سياسية واقتصادية».
وفي انتظار خطوة الحكومة التركيّة الجديدة في التعامل مع تمرّد «حزب العمّال الكردستاني» المتمركز عسكريّاً في الشمال العراقي، أعرب الرئيس العراقي جلال الطالباني، في رسالة وجّهها إلى أردوغان، عن «قناعتي الراسخة بأنكم أهل لهذه الثقة الغالية»، ودعاه إلى «تعزيز العلاقات الراسخة في التاريخ بين الشعبين الشقيقين لما فيه خير البلدين»، معرباً عن أمله بتحقيق «الأمن والاستقرار».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)