رام الله ــ سامي سعيد
عباس يطالبه بتقوية مكانة السلطة وبيريز يرى أن «نافذة السلام قد لا تدوم»


لم تخرج جولة «الاستماع» التي قام بها ممثل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط طوني بلير أمس في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، بأكثر من «فرصة» للحل رآها الموفد الدولي، الذي رأى في الوقت نفسه أن من السابق لأوانه تحديد مدى نجاح مهمته التي تريدها إسرائيل، وحتى الرئاسة الفلسطينية، لدعم سلطة الرئيس محمود عباس (أبو مازن).
وشدّد مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، لـ«الأخبار»، على أن «عباس طالب بلير بأن يقنع الحكومة الإسرائيلية بتقديم المزيد من الخطوات التي يمكن أن تعزز مكانته في المجتمع الفلسطيني».
وأشار المسؤول إلى أن «عباس أبلغ بلير أن خطوة الإفراج عن 255 أسيراً في الأيام الماضية كانت مفرغة من مضمونها بسبب قلة عدد الأسرى من جهة، ولأن الغالبية العظمى منهم كانت في الأساس على وشك إنهاء فترة حكوميتها».
وأوضح المسؤول أن «بلير طالب عباس بالمزيد من الإجراءات التي تستهدف الإسراع بإخراج حركة حماس عن القانون واعتبارها حركة غير شرعية وتفريغها من شرعيتها التي حصلت عليها عقب تشكيلها حكومتها الأولى وحكومة الوحدة الوطنية».
وفي حديث لوكالة «أسوشييتد برس»، قال مسؤول فلسطيني شارك في الاجتماع إن «بلير أبلغ عباس أن مهمته هي منح أفق اقتصادي للفلسطينيين»، إلا أنه أكد أنه «سيستخدم علاقاته الجيدة مع الإسرائيليين والرئيس الأميركي جورج بوش لإعادة إطلاق عملية السلام».
وبعد اللقاء مع بلير، قال الرئيس الفلسطيني إنه بحث مع مبعوث الرباعية «الأوضاع التي ستكون في المستقبل، ودور اللجنة لدعم السلطة الوطنية الفلسطينية في مختلف المجالات».
وأعلن مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات أن «بلير سيعود في أيلول المقبل، وأنه سيفتتح له مكتباً ليكون هنا لفترة طويلة». إلا أنه انتقد تركيز مهمة بلير على بناء المؤسسات الفلسطينية.
وأضاف عريقات، منتقداً السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية: «عندما يبدأ الناس بالتحدث عن مهمة، وعن الاقتصاد وبناء المؤسسات والفصل عن الأهداف السياسية، يتساءل المرء كيف يمكن ذلك أن يحدث». وتساءل: «كيف يمكننا أن نتحدّث بجدية عن التنمية الاقتصادية وأسلوب الحكم وبناء المؤسسات، فيما تعمل المستوطنات والجدار ومنع الحركة والعوائق والحواجز على الطرق على تقويض فكرة الدولة الفلسطينية؟ لنكن واقعيين».
وقال عريقات إن «الوقت قد حان لإيجاد آليات عمل حقيقية لتحقيق السلام، والحاجة إلى فرق رقابة وجداول زمنية محددة لتنفيذ هدف عملية السلام المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». ورأى أن «عملية السلام ليست بحاجة إلى مبادرات جديدة، والحاجة الملحة الآن، هي لإيجاد استراتيجية توضح واجبات كل طرف من الأطراف، وضرورة قيامه بالتزاماته تجاه عملية السلام».
وفي تصريحه الأول منذ تسلمه مهامه الجديدة، قال رئيس الوزراء البريطاني السابق إنه يشعر بأن هناك «فرصة» للسلام في الشرق الأوسط، لكنه حذر من أن من السابق لأوانه معرفة إذا ما كان ذلك يمكن أن يترجم إلى حقائق ملموسة.
وقال بلير، في مؤتمر صحافي مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، إنه «يعتزم في هذه المرحلة من محادثاته مع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين أن يستمع ويتعلم ويفكر ملياً». وأضاف: «أعتقد أنه حتى من الحوارات التي أجريتها، هناك إدراك بالإمكانية. لكن إذا كان هذا الإدراك بالإمكانية يمكن ترجمته إلى شيء فهذا أمر بحاجة إلى العمل من أجل تحقيقه والتفكير فيه مع مرور الوقت».
أما الرئيس الإسرائيلي فلمّح، من جهته، إلى منح تفويض سياسي لرئيس الوزراء البريطاني السابق. وقال: «عليه من جانب أن يرى ما يمكن فعله لدفع المسألة السياسية والشؤون الاقتصادية قدماً، وأن يسمح للفلسطينيين بإقامة المؤسسات السياسية».
وأضاف بيريز أن بلير يواجه «واحدة من أكثر المهام مسؤولية وإلحاحاً في حياته العملية»، وأن هناك «فرصة حقيقية لنجاحه». وتابع: «أعتقد أن هناك نافذة لفرصة حقيقية لدفع السلام قدماً. لا أعرف مدى هذه الفرصة، لكن أخشى ألا تدوم لفترة طويلة جداً».
وقال مسؤولون إسرائيليون، لوكالة «أسوشييتد برس»، إن بلير أبلغ المسؤولين الإسرائيليين أن مؤتمر السلام الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش يجب أن يؤدي إلى نتائج ملموسة، وألا يكون لمجرد العلاقات العامة.
ومن المقرر أن ينهي بلير زيارته لإسرائيل والضفة الغربية المحتلة اليوم الأربعاء ويسافر إلى دول الخليج العربي.
ورغم الترحيب الإسرائيلي الواسع بمهمة بلير، إلا أن الصحافة الإسرائيلية أعربت عن تشاؤمها من فرصه في النجاح. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن بلير وصل «على أنقاض السياسية الأميركية ـــــ البريطانية»، وأضافت: «يمكن المرء أن يفترض أن فرص بلير في النجاح خلال مدة العام ونصف العام الباقية على ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش ليست مرتفعة. ولا يملك بلير أي مقومات حقيقية غير إرثه الشخصي الغني».
أما صحيفة «معاريف» فنشرت رسماً كاريكاتورياً يظهر بلير وهو يرتدي لباس مربية بريطانية ولافتة في السحب تشير إلى الطريق إلى الشرق الأوسط.
ورأت حركة «الجهاد الإسلامي» أن زيارة بلير مبعوثاً جاءت «لتكريس وتركيب أخطاء جديدة بحق الشعب الفلسطيني». وقال القيادي في الحركة، محمد الحرازين: «ننظر بخطورة إلى زيارة بلير إلى المنطقة، وإننا نسأل: أليس بلير من ارتكب العديد من الخطايا في حق العرب والمسلمين؟». ورأى أن زيارة بلير «تعمّق الشرخ والخلاف الحاصل بين فتح وحماس».

حان الوقت لإيجاد آليات عمل حقيقية لتحقيق السلام، والحاجة إلى فرق رقابة وجداول زمنية محددة لتنفيذ هدف عملية السلام المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف... إن عملية السلام ليست بحاجة إلى مبادرات جديدة، بل لاستراتيجية توضح واجبات الأطراف تجاه عملية السلام