هآرتس ــ ألوف بن
مع قدوم مبعوث الرباعية طوني بلير الى المنطقة، تبلورت في مكتب رئيس الوزراء في القدس «سياسة العناق». بالنسبة إلى إسرائيل، مهمة بلير تمثّل فرصة كبيرة. فهناك القليل في العالم من الشخصيات التي تشبهه من حيث المكانة والعلاقات والتجربة. وحتى التقدير السائد بأن بلير لن يكتفي بالتفويض الضيق الذي حصل عليه، وسيسعى الى التوسط لتحقيق تسوية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، لا يثير القلق في القدس. فإذا كان لا بد، فمن الأفضل أن يتوسّط هو لا شخص أقل ودّاً منه. البدائل المحتملة مثل كوندواليزا رايس او خافيير سولانا أقل إثارة للحماسة.
رئيس الوزراء ايهود اولمرت، الذي يستضيف اليوم (الثلاثاء) بلير على وجبة العشاء، يقدره كرجل لطيف ومليء بالسحر. وسيحاول اولمرت استغلال بلير ومكانته الدولية كي ينقل اليه الرسالة بأن اسرائيل ترغب في تسوية مع الفلسطينيين، ولا ترغب في احتلال المناطق ومعنية بصدق بتعزيز رئيس السلطة محمود عباس. من ناحية اولمرت، يستطيع بلير أن يمثّل أيضاً قناة اتصال مع السعوديين وغيرهم من المحافل في العالم العربي.
الوزن الشخصي لبلير ينبع أساساً من علاقته الوثيقة والعميقة بالرئيس الاميركي جورج بوش. فأكثر من أي زعيم عالمي آخر، مدّ بلير يده لبوش خلال الحرب في العراق وبعدها. وبوش مدين له، وكذلك في الشرق الأوسط يفهمون ذلك ويقدّمون إليه الاحترام. إذا ما راكموا في وجهه المصاعب، فلن تكون هناك مشكلة لديه في التشكّي إلى البيت الأبيض. لكن كسياسي محنّك، فاز ثلاث مرات في الانتخابات وشغل منصب رئيس الوزراء لعقد من الزمن، فإن بلير يفهم أنه ينبغي له أن ينطلق بداية بسرعة منخفضة: أن يُقلّل من الانكشاف الصحافي، وأن يكون منصتاً إلى مضيفيه، وأن يشرح أنه لا يُعنى إلا ببناء مؤسسات الحكم الفلسطينية. وقد تولّد الانطباع لدى الناس الذين تحدثوا معه أنه على علم بالحساسيات المحلية ويفهم أن لديه فجوات واسعة في المعرفة، لذلك لن يقفز غداً إلى المباحثات حول القدس واللاجئين.
المهمة العملية لبلير لن تبدأ الا في زيارته المقبلة، في منتصف ايلول، في شأن انعقاد «اللقاء الإقليمي». عندها سيعرض على الإسرائيليين والفلسطينيين نياته وخططه بتفصيل أكبر. يشيرون في القدس الى بعض الخلافات المحتملة مع المبعوث.
أوّلاً: بلير يؤمن بأن النزاع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني هو مصدر مشاكل دولية هائلة، ومن المهم أن يتم حلّه. ويؤمن بأن الحل معروف، وأن الطرفين يحتاجان أساساً إلى وسيط جيد. في الجانب الإسرائيلي يعتقدون أن الأمر أكثر تعقيداً، لكنهم مستعدون للإنصات.
ثانياً: أشخاص في محيط بلير تحدثوا في الأشهر الأخيرة عن محادثات مع سوريا وربما أيضاً مع عباس. هذه الأفكار تثير القليل جداً من الحماسة. لكن ليس هناك، في هذه الأثناء، ما يدعو الى القلق. القيادة السياسية في اسرائيل وقفت «بالدور» كي تحصل على ساعة مع طوني، وبالتأكيد ستواصل مغازلته حتى لو قام ببادرات طيبة للجانب العربي.
سلف بلير، جيمس ولفنسون، أنهى مهمته حزيناً ومحبطاً. والدرس الذي استخلصوه في القدس من فشل الاتصالات معه كان أنه ينبغي تدليل ومعانقة المبعوث. كل من يقف ساعات عديدة على حاجز حوارة، أو ينظر من الأسفل الى سور الفصل في القدس، سيُطوِّر على الفور مضادات لإسرائيل وللاحتلال. ولهذا ينبغي تغليف الواقع الصعب بنهج إيجابي. إسرائيل لن ترغب في أن تتلقّى من بلير نقداً مثلما تلقّت من ولفنسون، ولهذا ستحاول إبقاءه إلى جانبها ـــــ على الأقل إلى أن تنشأ خلافات مبدئية.