strong>ساعات مضت على الإفراج عن الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني، كانت كافية لحصول ليبيا على «مقابل نووي» إثر زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لطرابلس لإعادتها إلى «صفوف الأسرة الدولية»
وقّعت ليبيا وفرنسا أمس اتفاق شراكة عسكرية صناعية، إضافة إلى مذكرة اتفاق في المجال النووي المدني تنص على تزويد ليبيا بمفاعل نووي لتحلية مياه البحر، وذلك خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى طرابلس التي تشكل «لاعباً استراتيجياً» في حوض المتوسط.
وأكد ساركوزي، الذي التقى الزعيم الليبي معمر القذافي، عزمه على دعم العلاقات بين البلدين خلال زيارته التي وصفها «بالسياسية لمساعدة ليبيا على العودة إلى صفوف الأسرة الدولية».
ووقع وزيرا خارجية ليبيا عبد الرحمن شلقم وفرنسا برنارد كوشنير على اتفاق إطاري للشراكة الشاملة الليبية ـــــ الفرنسية بحضور القذافي وساركوزي تتضمن تزويد ليبيا بمفاعل نووي لتحلية مياه البحر. كما وقعا على اتفاق للتعاون في مجال الدفاع والشراكة الصناعية الدفاعية، ومذكرة تفاهم بشأن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وحزمة أخرى من الاتفاقيات في المجالات العلمية والثقافية.
ووصف شلقم التوقيع بأنه «مهم»، مشيراً إلى أنه منطلق لشراكة استراتيجية طويلة الأمد بين بلاده وفرنسا في المجالات الأساسية. وأشار إلى أن ما وقّع عليه البلدان يشكل برنامج عمل لمدة تتراوح ما بين 15 إلى 20 سنة. وقال «إنه مكسب كبير لليبيا ولفرنسا».
في هذا الوقت، انتقدت عائلات الأطفال الليبيين المصابين بالإيدز قرار الرئيس البلغاري جورجي بارفانوف العفو عن الطاقم الطبي الذي اتهمته ليبيا بتعمّد حقن الأطفال بالفيروس، مشيرة إلى أنه يوحي بـ«حقيقة» ما قاله زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن عن استهتار الغرب بدماء المسلمين. ورأت أن هذا «العفو يؤكّد ضلوع بلغاريا ومخابراتها في جريمة حقن الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز». ودعت ليبيا إلى قطع علاقاتها مع بلغاريا وترحيل جميع المواطنين البلغار ووقف التعاون مع الشركات البلغارية. وأضافت أنه يتعيّن إعادة اعتقال الممرضين الستّة من جانب الشرطة الدولية (الإنتربول).
من جهته، قال رئيس الوزراء البلغاري سيرغي ستانيشيف إن «بلغاريا ستواصل مساعدة عائلات الأطفال الليبيين المرضى بالإيدز، الأمر الذي يعدّ جزءاً من الاتفاق النهائي مع الدولة الواقعة شمال أفريقيا (ليبيا) بشأن إطلاق سراح الطاقم الطبي».
وفي إطار دراسة احتمال شطب الديون المستحقة على ليبيا من بلغاريا، قال ستانيشيف: «مما لا شك فيه أن مسألة (شطب) الديون الليبية واحد من الأساليب المحتملة لإسهام بلغاريا»، مضيفاً أن قيمة الدين تبلغ «نحو 54 مليون دولار. سندرس احتمالات أخرى، لأن هذا عمل إنساني وليس فدية».
وفي سياق مسألة التعويضات الملتبسة لناحية مصدرها، قال مسؤول ليبي، رفض الكشف عن اسمه، إن قطر أسهمت في دفع نصف التعويضات تقريباً التي تلقتها أسر الضحايا، ما يعني أن السلطات القطرية تحمّلت ما يعادل 230 مليون دولاراً. وأضاف المصدر، لـ«الأخبار»، إن قطر كانت قد تلقت رسالة من بلغاريا تطلب فيها التدخّل لدى الزعيم الليبي.
وفي السياق، نددت الصحف الأوروبية بالثمن الذي تقاضته ليبيا لقاء الإفراج عن الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني، مبدية في الوقت نفسه استياءها لبروز ساركوزي وزوجته سيسيليا إلى الواجهة في القضية على حساب الاتحاد الأوروبي.
وشدّدت صحيفة «ليبر بلجيك» على «فدية لا يلفظ اسمها» دفعها الاتحاد الأوروبي لدولة تملك «موارد نفطية هائلة»، فيما رأت صحيفة «دي ستاندارد» البلجيكية أن «تأكيد نيكولا ساركوزي أن الاتحاد الأوروبي لم يدفع شيئاً إنما هو دعابة السنة الدبلوماسية».
إلى ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، في مقابلة مع إذاعة «سوا» الأميركية، أنها تأمل زيارة ليبيا «قريباً».
(أ ب، رويترز، يو بي آي، أ ف ب)

«جنّة وجحيم»
وصفت إحدى الممرضات البلغاريات كريستيانا فالتشيفا العودة إلى بلدها الأم بعد نحو 8 سنوات في السجن، كأنها انتقلت «من جهنم إلى الجنة». وشكرت فالتشيفا إلى جانب ممرّضة أخرى ناسيا نينوفا الصحافيين على الدعم الذي قدموه خلال فترة سجنهم في ليبيا، وقالت: «بفضلكم، أدرك العالم ما كان يجري لنا».