موسكو ــ الأخبار
شهدت العاصمة الأرمينية يرفان في 20 تموز الجاري، في إطار اجتماع دوري للجنة الأرمينية ـــــ الإيرانية المشتركة برئاسة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي ووزير الطاقة الأرميني أرمين موسيسيان، التوصّل إلى اتفاق على بناء مصفاة لتكرير البترول في أرمينيا، ومدّ أنبوب نفطي بطول 200 كيلومتر من تبريز الإيرانية إلى مدينة ميغري الأرمينية حيث يُخطّط لبناء المصفاة. وتقدّر قيمة المشروع بمليار أو ملياري دولار وفقاًلحجم طاقتها. وهو اتفاق توقف المراقبون عند دلالاته.
وفيما يُنظر إلى تدشين أنبوب الغاز الأرميني ـــــ الإيراني في 19 آذار الماضي على أنّه «حدث تاريخي»، وينوّه الخبراء بإمكان بلوغ التبادل التجاري بين البلدين نحو مليار دولار، يتساءل المحلّلون عن مغزى بناء المصفاة في أرمينيا لا في إيران، ولا سيّما أن المصافي الإيرانية تعجز عن تلبية حاجات المستهلكين الإيرانيين من المحروقات، ما اضطرّ السلطات في طهران إلى فرض نظام تقنين يحدّد حصّة السيارة بـ 100 ليتر في الشهر.
من ناحية ثانية، تبنى مصافي التكرير عادة بالقرب من حقول النفط أو الموانئ البحرية لنقل النفط المكرّر اللاحق، لكن لا شيء من ذلك يوجد في مكان بناء المصفاة في أرمينيا. الإيرانيون يوضحون ذلك بأنهم يريدون العيش بطمأنينة مع جارتهم الأرمينية. وأرمينيا بالفعل فقيرة بموارد الطاقة، التي تستوردها بالكامل من الخارج.
وإذا اقتصرت طاقة المصفاة على بضع مئات من آلاف أطنان المشتقات النفطية، فستكون أهمية المصفاة إقليمية، وستكفي هذه الكميات فقط لتلبية حاجات أرمينيا الداخلية. وسيصبح حديث طهران عن السعي للعيش بهدوء عن طريق الإيثار على نفسها واقعياً، وكذلك حقيقة نيّة إيران لأن تصبح لاعباً مؤثراً في جنوب القوقاز، لذلك تريد اجتذاب جاراتها إلى مشروعات اقتصادية مغرية.
غير أن الخبراء يتحدثون عن مصفاة تبلغ طاقتها 3 ملايين طن من المشتقات النفطية في العام. وإذا كان الأمر كذلك، وإذا مدّ أنبوب نفط إضافي في الاتجاه المعاكس من ميغري إلى تبريز لضخ البنزين مثلاً إلى إيران، يمكن القول إن طهران، وهي تستعد للعدوان الأميركي المحتمل، تحاول الحفاظ على جزء من صناعة تكرير البترول خارج الحدود. كذلك تحاول تأمين مخزون معين من المشتقات النفطية عند نشوب الحرب، وبناء المصفاة في هذه الحالة يصبح منطقياً، وتدعمه أهمية إخراج جزء من الموجودات المصرفية الحكومية إلى الخارج في ظلّ العقوبات الدولية المفروضة على طهران. وذلك أمر هام إذا أخذ بالاعتبار طموح يرفان لأداء دور ريادي إقليمي في مجال النشاط المصرفي، ولذلك يمكن اعتبار أنبوب النفط نوعاً من ضمانة الثقة للعلاقات المالية.
ولا يختلف المراقبون في هدف المشروع السياسي، ويدل على ذلك انتقاد القائم بالأعمال الأميركي في يرفان أنطوني غودفري أخيراً تعزيز التعاون الأرميني ـــــ الإيراني في مجال الطاقة، وقوله إنّ واشنطن أبلغت المسؤولين الأرمينيين قلقها في هذا الصدد. وطلب المسؤول الأميركي أن تقف أرمينيا إلى جانب بلاده في مواجهتها مع إيران.
إلّا أنّ وزير الخارجية الأرميني وارطان أوسكانيان نفى وجود أي مبرّر للقلق الأميركي من تطوير التعاون بين أرمينيا وإيران. ونقلت وكالة الأنباء الروسيّة «رغنوم» عنه تشديده على أنّ علاقات أرمينيا مع كل الدول، وخصوصاً الدول المجاورة، كانت دوماً شفافة.
وسيحدّد موعد البدء ببناء المصفاة خلال زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى يرفان، حيث سيتمّ التوقيع على مجموعة كبيرة من الوثائق ذات الطابع الاقتصادي. ولم يشأ متكي تحديد تاريخ الزيارة، لكنه أشار إلى أنها ستتم «قبل نهاية العام الجاري». وفي هذه الأثناء سيقوم رئيس الوزراء الأرميني سيرج سركيسيان ورئيس البرلمان ديكران طوروسيان بزيارة طهران.