strong>... وراوول يمدّ يده للأميركيّين مجدّداً
للمرّة الأولى منذ 48 عاماً في السلطة، لم يترأس الزعيم الكوبي فيدل كاسترو احتفالات إحياء ذكرى الثورة الكوبيّة أمس. شقيقه وزير الدفاع راوول، الذي يتولى إدارة البلاد منذ نحو عام، بعدما سيطر المرض على الزعيم الشيوعي، ألقى خطاب اشتعال الثورة أمام عشرات الآلاف من الكوبيّين، ومدّ يده من جديد إلى الإدارة الأميركيّة من أجل «الحوار». إلّا أنّ واشنطن ردّت بازدراء.
وتخليداً للهجوم الذي شنّه القائد كاسترو ورفاقه على ثكنة مونكادا في سانتياغو دي كوبا (جنوب) في عام 1953 في العملية التي أطلقت شرارة الثورة التي قادته إلى السلطة بعد إطاحة نظام فلوجينسيو باتيستا في عام 1959، احتشد نحو مئة ألف شخص في ميدان الثورة في مدينة كاماغواي ليستمعوا إلى الشقيق الأصغر، الذي وصف مرض القائد الأعلى بأنّه «ضربة قويّة لم نكن نتوقّعها»، و«اللحظات» التي مرّت بها كوبا بوجوده على فراش المرض «صعبة، على الرغم من أنّها لم تولّد فوضى في البلاد كما يتمنّى الأعداء».
وشدّد راوول على ضرورة عدم إنفاق كوبا أكثر من إنتاجها، واعتمادها أقلّ على الواردات. وقال «ليس لأيّ بلد امتياز الإنفاق أكثر ممّا يمتلك»، موضحاً أنّ «المجلس الوطني» (البرلمان) تحرّك في الفترة الأخيرة من أجل حلّ مشاكل متعلّقة بالغذاء، ولزيادة دفعات الإعانة والدعم للمزارعين.
وبعد إشارته إلى وجوب إجراء تغييرات هيكليّة في النظام الكوبي، من دون تحديدها، اقترح راوول على الرئيس الأميركي المقبل الحوار بهدف تنقية العلاقات بين الجزيرة الشيوعية وواشنطن. وقال إنّ على الإدارة الأميركية المقبلة «أن تقرّر ما إذا كانت تريد الإبقاء على السياسة العبثية وغير الشرعية وغير المثمرة ضدّ كوبا أو القبول بغصن الزيتون الذي مددناه إليها» في الثاني من كانون الأوّل الماضي يوم الاحتفال بعيد ميلاد فيدل. إلّا أنّ هذه هي المرة الثالثة التي يقترح فيها راوول حواراً على الولايات المتحدة منذ تولّيه مؤقتاً السلطة.
وشدّد راوول على أنّه «إذا تركت السلطات الأميركية الجديدة في آخر المطاف الهيمنة جانباً وقرّرت التحاور بشكل حضاري فسنرحّب بها».
إلّا أنّ الولايات المتحدة ردّت بازدراء على العرض، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك للصحافيين إنّ «الحوار الوحيد الذي يحتاجه (راوول) هو الحوار مع الكوبيين».
وأوضح ماكورماك أنّه «لو كان في قدرة الكوبيين أن يعبّروا عن رأيهم في مسألة ما، وإذا كانوا يرغبون بانتخاب قادتهم بحرية، فالجواب على هذا سيكون على الأرجح نعم»، مبيّناً أنّه «للأسف أنّ هذا الحوارالذي ننتظره ليس موجوداً اليوم».
وفي 26 تموز من العام الماضي، وعشية الاحتفالات التي أقيمت في هولغين (جنوب)، نقل فيدل كاسترو بشكل طارئ وسرّي إلى المستشفى بعد إصابته بنزف خطير في الأمعاء. وبعد 4 أيّام، وفي «إعلان» تلاه أمام كاميرات التلفزيون، تخلّى فيدل «مؤقتاً» عن السلطة لشقيقه، للمرة الأولى منذ 1959.
وبعد عام على هذه الحادثة، لم تسمح حالة القائد الكوبي المسنّ (81 عاماً)، الذي لا يزال في غرفة مستشفى لم يكشف عنه في هافانا، له بالظهور علناً وإن كان قد كتب منذ 4 أشهر نحو 30 مقالاً صحافياً علق فيها على الأحداث الوطنية والدولية وأجرى مقابلة متلفزة دامت ساعة، واستقبل رؤساء دول عديدين جاؤوا يسألون عن صحته، وبينهم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز.
وفي أيّار الماضي، كشف فيدل كاسترو، الذي اعتبرت حالته الصحية «من أسرار الدولة»، عن أنّه كان «بين الحياة والموت» بعد تعرّضه إلى «عمليات جراحية عديدة» فشلت الأولى منها، إلّا أنّه لم يكشف شيئاً عن سبب مرضه.
وخلال العام الماضي، تولّى راوول كاسترو السلطة مؤقّتاً. وبقيادته، التزمت كوبا «استمرارية» الثورة في حين تم تشديد الخطاب الرسمي حول الفساد والبيروقراطية مع دعوات متكرّرة إلى «الانضباط» والبراغماتية لتسوية المشاكل الخطيرة التي يعاني منها السكان مثل التموين والنقل والسكن.
ويهوى راوول (76 عاماً) الخطابات المقتضبة والدقيقة. وأعرب في مقابلات ومناسبات رسميّة سابقة عن نياته الحواريّة لمعالجة العلاقات مع واشنطن، التي، ومن خلال حصار امتّد 45 عاماً، حظرت على مواطنيها السفر إلى الخاصرة الشيوعيّة، ومنعت التجارة معها.
(أ ب، رويترز، يو بي آي)