strong>محمد بدير
في ما يمكن اعتباره إقراراً علنياً بالارتشاء من واشنطن ثمناً لإمرار صفقة أسلحتها العملاقة مع دول الخليج من دون اعتراض، أعلنت إسرائيل، أمس، أن المساعدات العسكرية السنوية التي تتلقاها من حليفتها الاستراتيجية الكبرى ستزيد بنسبة 25 في المئة لتصل إلى أكثر من 30 مليار دولار على مدى العقد المقبل.
وتزامن الإعلان مع رفض الحكومة الإسرائيلية اقتراحاً بزيادة موازنة الدفاع لعام 2008 رغم تحذير رئيس الأركان غابي اشكينازي من مغبة الامتناع عن إقرار الزيادة، محملاً الوزراء مسؤولية نتائج هذا القرار على أمن إسرائيل.
وكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، أنه توصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي جورج بوش خلال زيارته الأخيرة إلى البيت الأبيض في 19 حزيران الماضي، يقضي بزيادة المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن إلى تل أبيب على مدى الأعوام العشرة المقبلة.
وقال أولمرت، لدى افتتاح جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية في القدس المحتلة، أمس، «خلال لقائي الأخير مع الرئيس الأميركي، توصلنا إلى اتفاق على زيادة المساعدة إلى ثلاثين مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، ما يعني ثلاثة مليارات دولار سنوياً اعتباراً من السنة المقبلة». وأوضح أن «هذه المساعدة تمثل زيادة بنسبة 25 في المئة على المساعدات العسكرية والدفاعية من الولايات المتحدة إلى إسرائيل».
وتبلغ قيمة المساعدات السنوية الحالية التي تحصل عليها إسرائيل من الولايات المتحدة 2.4 مليار دولار، يخصص معظمها لشراء أسلحة من شركات أميركية، فيما يرصد ربعها لتمويل شراء تجهيزات عسكرية من شركات إسرائيلية. وكانت القيمة الإجمالية للمنحة الأميركية إلى حليفتها العبرية تبلغ في الثمانينيات والتسعينيات 3 مليارات دولار سنوياً، يندرج 1.8 مليار منها تحت عنوان مساعدات عسكرية و1.2 مليار تحت عنوان معونات اقتصادية مدنية. وقبل 10 سنوات، توصل رئيس الوزراء في حينه، بنيامين نتنياهو، الى تسوية مع الكونغرس يتم بموجبها تقليص المساعدات المدنية بالتدريج الى أن تنتهي تماماً في عام 2008؛ وبالتوازي، تزداد المساعدات العسكرية بالتدريج بحيث تبلغ في عام 2008 ما مقداره 2.4 مليار دولار. وبهذا يكون أولمرت قد أعاد القيمة الإجمالية للمساعدات إلى ما كانت عليه قبل عشر سنوات وحولها بأكملها إلى مساعدات عسكرية.
ورأى أولمرت أن زيادة المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل تعتبر مساهمة هامة ودفعة كبيرة لأمن إسرائيل، مشيراً في الوقت نفسه إلى تعهد قدمه له بوش بالحفاظ على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل على باقي الدولية العربية. وقال «نحن نفهم رغبة الولايات المتحدة في تعزيز قوة الدول المعتدلة في المنطقة، التي تقف في جبهة واحدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل في الصراع ضد إيران».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد استبقت إعلان أولمرت على طاولة مجلس الوزراء، وذكرت في عددها أمس أن الولايات المتحدة بصدد رفع حجم المساعدات الأمنية التي تقدمها لإسرائيل بهدف تخفيف معارضة متوقعة من جانب مؤيديها في الكونغرس لصفقة سلاح أميركية مع السعودية وعدد من دول الخليج العربي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاق على «التفاصيل الدقيقة لرزمة المساعدات الجديدة لإسرائيل ولمصر سيتم خلال زيارة نائب وزيرة الخارجية، نيكولاس بيرنز، المزمع وصوله الى المنطقة في منتصف شهر آب».
وبحسب الصحيفة، كانت إسرائيل قد أجرت في الأسابيع الأخيرة محادثات مع وزارة الدفاع الأميركية بهدف تقليص «التهديد المحتمل» للقنابل الدقيقة من نوع «غايدم» التي ستزود بها السعودية في إطار صفقة الأسلحة التي ستعقد معها. ولفتت «هآرتس» إلى أن «سلاح الجو الإسرائيلي مزود منذ بضع سنوات بمثل هذه القنابل، وقد استخدمت لضرب خنادق حزب الله في بيروت أخيراً».
وقالت الصحيفة إن الجانب الأميركي وافق في المحادثات التي أدارها رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع عاموس جلعاد، ورئيس دائرة التخطيط في الجيش الاسرائيلي اللواء عيدو نحوشتان، على «إبطال مفعول» جزء من قدرات القنابل الذكية بحيث لا يكون بوسعها ضرب اسرائيل، فضلاً عن مطالبة السعوديين بعدم نصبها في القاعدة الجوية في منطقة «تبوك» المجاورة لإيلات جنوب إسرائيل.
وخلال الاجتماع الوزاري، أعلن أولمرت أن حكومته ستعمل على «زيادة ميزانية الأمن بشكل كبير في السنوات المقبلة من أجل مواجهة التهديدات الماثلة أمامنا».
إلا أن الحكومة رفضت، في الجلسة نفسها، طلباً تقدم به وزير الدفاع، إيهود باراك، بزيادة موازنة وزارته لعام 2008 بسبعة مليارات شيكل (1.63 مليار دولار)، بهدف تغطية نفقات مشاريع يجري العمل عليها في الوزارة، أهمها زيادة عديد القوات البرية. وبعد نقاشات حادة استمرت نحو سبع ساعات، صوّت الوزراء إلى جانب اقتراح أولمرت بقبول توصيات لجنة برودت الخاصة بإعادة جدولة موازنة الدفاع. وبحسب هذه التوصيات، تتم زيادة الموازنة بنسبة 5 في المئة على مدى عشر سنوات.
ورفض أولمرت ادعاءات وزراء، وبينهم باراك، بأن أسباب فشل إسرائيل خلال حرب لبنان الثانية نابع من مصاعب في موازنة الدفاع. وأضاف «لقد مررنا بتجربة ليست سهلة خلال الحرب وكانت هناك إخفاقات غير قليلة، لكن غالبيتها لم تكن مرتبطة بإخفاقات في الموازنة ومحاولة عرض الأمور وكأن كل الإخفاقات نابعة من الناحية الاقتصادية هو أمر مبالغ فيه وحتى إنه أمر مقلق».
بدوره، طالب أشكينازي الوزراء بالمصادقة على الموازنة، محذراً من عدم الاستجابة لطلب وزارة الأمن، وتوجه إلى الوزراء قائلاً: «إذا لم تتم المصادقة على الميزانية فستتحملون المسؤولية».
يذكر أن ميزانية وزارة الأمن لعام 2007 كانت 47.9 مليار شيكل. وقد حصلت على مبلغ 8.2 مليارات شيكل بعد حرب لبنان الثانية لتجديد مخزون الذخائر والعتاد العسكري.